نظرة المتلقى لمصطلح “وسائل الاعلام” سواء أكان مشاهداً للتليفزيون أو قارئا للصحف أو مستمعا للإذاعة ربما اعتراها الإهمال واللامبالاة المغلفة بالملل بسبب اختلاف اهتمام الشريحة المستهدفة لهذه الوسائل، واختلاف طبائعها واهتماماتها وقناعاتها عما قبل، فالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشرة وأربعين عاما وهى الفئة المؤثرة والتى تكون محور اهتمام متخذ القرار لم تعد هى الفئة العمرية نفسها التى كانت منذ عشر سنوات مضت ، لا الاهتمامات نفس الاهتمامات ولا تأثرها بما يقال ويدور حولها له التأثير نفسه، وهو ما بات يهدد وسائل الاعلام بأنواعها الثلاثة من كل النواحى.
وبما أننى أحد ابناء المهنة فإننى أجدنى مشفقاً على أحوال العاملين فى هذا المجال إذا استمر الحال على ماهو عليه من سيطرة صحافة الفيديو وأخبار الرياضة والحوادث والطبخ وشراء البضائع أون لاين على أسلوب حياة مستخدمى الموبايلات التى أصبحت أسرع وسيلة لنقل الخبر.
ولأن أجهزة الموبايل بما تتيحه لمستخدمها من متابعة كل ما يبث على وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات المختلفة فإنها أصبحت ـ مع الأسف ـ هى محور اهتمام مسئولى وسائل الاعلام بعدما أصاب القراء والمشاهدين والمستمعين حالة من عدم الاهتمام بل وفقد الثقة فيما يقرأونه أو يشاهدونه أو يستمعون إليه ليس بسبب كذب ما ينشر ويبث ويذاع ولكن بسبب حالة التشويش والشك نتيجة انتشار الأخبار الكاذبة، مجهولة المصدر التى أثرت بالسلب على الأخبار الصادقة الصادرة من مصادرها الحقيقية.
وبسبب السعار الذى أصاب أعداء الوطن من دول وجماعات وأفراد نتيجة النجاحات المتواصلة لجهود الدولة فى التنمية بمجالاتها المختلفة ولجوء هؤلاء الخونة إلى كل طريقة لتشويه هذه النجاحات أجد أنه أصبح لزاما التركيز على مخاطبة الفئات ضعيفة الوعى وشحيحة المعلومات وسطحية الفكر لأنها تصبح أكثر خطورة إذا نجحت الكتائب الاليكترونية للأعداء فى التاثير عليهم وجذبهم بتقارير مفبركة وصور مركبة وأحداث مفتعلة ووقائع ملعوب فيها، ولهذا أرى أنه يجب العمل على الآتى:
أولا: التجديد فى الخطاب الإعلامى ، بعيدأ عن اسلوب امتلاك الحقيقة المطلقة ، وأننى أنا على صواب وما عداى على خطأ ، وأن القارئ أو المشاهد أو المستمع أقل منى ثقافة أو إدراكاً ، فكم من قراء هم أكثر ثقافة من كثيرين من الكتاب والإعلاميين الذين اصبح معظمهم لا يقرأون أصلا ناهيك عن تثقيف انفسهم.
ثانياً: وضع صحافة الفيديو فى مقدمة المواد الإعلامية المقدمة سواء من خلال تقارير إخبارية أو تحقيقات صحفية من أرض الواقع، أو لقاءات حصرية مع شخصيات مهمة من ذوى الثقة لدى المواطن حتى تحظى المادة المقدمة بقبول ومشاهدة بل واحترام.
ثالثا: الانتباه إلى خطورة الثبات على سياسة تحريرية سواء للصحف أو القنوات التليفزيونية أو الشبكات الإذاعية، فالمتابعون لكل هذه الوسائل اصابهم الملل فى ظل السباق المحموم للاستحواذ على دقائق من وقت من لدية تليفون محمول ليشاهد خلالها مادة فيديوية مصورة، وفى ظل التطور الرهيب والسريع والذى يحتاج مواكبة تلاحقه.
رابعاً: كل العاملين فى المجال الإعلامى يجب أن يطوروا من أنفسهم ليواكبوا التطور الحادث واختلاف المادة المطلوبة عند الجمهور المستهدف قبل فوات الأوان، خاصة أن هناك نسبة كبيرة من شباب الاعلاميين مازالوا فى بداية الطريق وفى ظل تخريج دفعات متتالية من كليات وأقسام الإعلام فى الجامعات المختلفة.
خامساً: لجوء شركة “ميتا” مالكة فيس بوك إلى إغلاق منصة النشرات الاخبارية البريدية “بوليتن” بعد سنة ونصف من إطلاقها يمثل جرس إنذار لكل العاملين فى وسائل الاعلام والمسئولين عن المشهد الإعلامى، فما كان منتظراً من إعلام الأمس لم يعد مطلوباً من إعلام اليوم، ويجب أن تكون لدينا نظرة أبعد كثيراً عن عالم اليوم واحتياجات جمهور وسائل الإعلام الحالية ، مع الاهتمام بوضع خطط وآليات تنفيذ لتوفير موارد مالية غير تقليدية تغطى أنشطة وسائل الإعلام لسنوات عديدة مقبلة وعدم الاكتفاء بالأساليب التقليدية فى تدبير الموارد المالية حتى لا نواجه خطر الدمج والإغلاق وانصراف المتابعين لوسائل الاعلام التقليدية المختلفة كما هو حاصل الآن.
Ahmedsoliman6666@hotmail.com