وفر المشرع حماية جنائية فعالة للبيئة البحرية من جريمة التلويث بشتى أنواعه و بغض النظر عن مصدره، و ذلك بموجب أحكام القانون البحري الجزائري و كذا القانون 18/03 المتعلق بالبيئة، غير أنه رغم ذلك تطرح جملة من الصعوبات التي تعيق و تعرقل فكرة الحماية و تجعل من تحديد المسؤول عن الجريمة فكرة صعبة المنال.
و من بين الصعوبات التي تعتري إثبات المسؤولية الجنائية عن جريمة تلويث البيئة البحرية نجد صعوبة تحديد مفهوم التلوث و حصر أنواع التلوث ، آثاره، بالإضافة إلى الغموض الذي يكتنف الضرر البيئي، إذ من المعلوم أن نتائج التلوث قد تكون ارتدادية، و قد تعرف الصمود لتظهر آثارها بعد مرور عدة سنوات.
كما أن تحديد الجاني في حد ذاته يكتنفه الغموض في حالة عدم ضبطه إذ يصعب ضبطه، مع قصور المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة تلويث البيئة البحرية، ناهيك عن تردد الإرادة التشريعية عندما يتعلق الأمر بتصنيف جريمة تلويث البيئة البحرية من قبيل الجريمة المادية و التي تستبعد و بصورة مطلقة اشتراط الركن المعنوي.
جرائم البيئة وعقوباتها وعدد من الأنظمة ذات الصلة بالنفايات الخطرة. خرجت الورقة بعدد من النتائج والتوصيات الهامة من أهمها؛ أن العقوبات البيئية في المملكة العربية السعودية غير كافية للأصفاء حماية قانونية من شأنها وقاية البيئة والصحة العامة من ملوثات وتهديدات للنفايات الخطرة.
أن غياب المرجعية الإدارية والشفافية بسبب تعدد الجهات الرقابية وعدم استقلالية مجلس البيئة إداريا وماليا وتعدد جهات ضبط المخالفات والتحقيق والادعاء في جرائم البيئة وتعدد الأنظمة البيئية وعدم وجود صندوق لحماية البيئة فضلا عن غياب الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع وغياب التأهل البيئي لدى الموظفين والقضاة تعتبر من أهم الإشكاليات التي يجب معالجتها من أجل الوصول إلى بيئة خالية من آفات النفايات السامة.
أن الحد من تلك المشاكل يتطلب من الحكومة إنشاء جهاز للبيئة مستقل في النواحي الإدارية والمالية كما أنه يستلزم إصدار نظام بيئة جديد يتضمن عقوبات مشددة ويجع شتات النصوص البيئة المبعثرة في الأنظمة الأخرى.
أوصت الورقة بضرورة تكثيف حكومات الدول العربية لجهودها من أجل توحيد سياساتها وتشريعاتها البيئية للحد من تهديدات النفايات الخطرة كما أن نفايات المحامين في الدول العربية مطالبة بملاحقة الشركات والعصابات الدولية التي تستهدف الدول العربية لأغراض التخلص من النفايات الخطرة بشكل غير مشروع.
أصبحت حماية البيئة تمثل اهتماما عالميا مشتركا ، ولقد خلصنا إلى أن الحياة هي بنت البيئة ، وإن التوازن والتكامل بين حقوق الأنسان وحقوق الطبيعة هو في صلب جهود التنمية البشرية لما للمحافظة على سلامة البيئة من أثر كبير على حياة الناس ، وصحتهم ومصادر عيشهم . واقتناعا منا بأن المخاطر التي تهدد البيئة في تعاظم مستمر ، وبأن حماية البيئة هي واجب إنساني يشترك في تأديته الجميع وتتحمل مسؤوليته الدولة بمختلف مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية . وهذا كان الدافع لدراستنا في موضوع المسؤولية الجزائية للمجرم البيئي ، بتبيان الأفعال المضرة بالبيئة بمختلف عناصرها أو الأفعال التي تعرضها للخطر ، وذلك من خلال تحديد الدور الذي تلعبه القوانين الجزائية في حماية البيئة كمصلحة اجتماعية بالغة الأهمية ، مع التأكيد أن موضوع دراسة البيئة من الموضوعات الحديثة في مجال الدراسات القانونية ، خاصة في مجال القانون الجزائي ،الذي ظهر كآلية لحماية البيئة على أعقاب القانون المدني والقانون الاداري والقانون الدولي ،
كما أن موضوع دراستنا هذا من الموضوعات الحديثة بالنظر لكون الاهتمام الدولي به لم يتأتى إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، خاصة بعد انعقاد أول مؤتمر يهتم بالبيئة كمشكلة عالمية ينبغي التصدي اليها ومواجهتها ، مؤتمر ستوكهولم 1972 ، والذي أعقبه انعقاد عدة مؤتمرات اخرى أبرزها مؤتمر البرازيل سنة 1992 المنعقد في ريو ديجانيرو تحت شعار البيئة والتنمية ،
والذي عرف بمؤتمر قمة الأرض الأولى. وقد بدأت الجزائر بالاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها بعد صدور قانون حماية البيئة في سنة 1983 ثم تلتها عدة قوانين أبرزها القانون 10-03 الصادر في سنة 2003 والمتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة . ولقد عرفت المنظومة القانونية الجزائرية في مجال حماية البيئة صدور ترسانة من القوانين التي ضمنت الأحكام الجزائية كأحد عناصرها وأبرز الوسائل القانونية والفعالة لتفعليها وإعمالها. ولا بد لنا من ضرورة الاعتراف بأن القوانين التي صدرت في مجال حماية البيئة ، قد حققت قدرا لابأس به من الأهداف المنشودة ، إلا انه في المقابل لا يمكن إغفال حقيقة لامناص بشأنها ، وهي أن الجرائم البيئية في عصرنا الراهن تطورت تطورا ملحوظا لم يشهده العالم من قبل ، ولا أبالغ في القول بأن هذا النوع من الجرائم أصبحت من اخطر أنواع الإجرام وأكثرها ضررا ، لدرجة انها أصبحت من أهم التحديات التي تواجه الدول وحكوماتها في مطلع القرن 21 لارتباط هذه الجرائم بحياة الشعوب وسلامة البشرية جمعاء ،
حيث أصبح لزاما أن يتدخل القانون الجزائري في تجريمه لكافة الافعال التي فيها مساس بالبيئة أو التي تعرضها للخطر ، وذلك بإصدار قواعد قانونية ملزمة وقواعد تنظيمية وميكانيزمات فعالة ، لمسايرة ما يطرأ على المجتمع من تطور ، ولمواجهة ما ينشأ عن التقدم التكنولوجي من آثار مخيفة تنبأ عن مستقبل مليء بالمضار والأخطار . كما أن بلوغ الغاية المرجوة لحماية البيئة لن تكتمل إلا اذا تضافرت الجهود مجتمعة سواءًا من الحكومات العادية أو العالمية ،أو الجمعيات المهتمة بحماية البيئة ، أو العلماء المختصون في فروع العلوم المختلفة مع جهود رجال القانون ، و أهم من هذا كله الفرد لأنه بيده المحافظة على البيئة وبيده تلويثها أيضا .
ولقد اقتضت منا دراسة موضوع المسؤولية الجزائية للمجرم البيئي في تقسيم البحث الى 03 فصول : الفصل التمهيدي : حيث تناولنا في الفصل التهميدي نطاق وطبيعة جرائم تلويث البيئة على اعتبار أن هذا الفصل يشكل مدخلا لموضوع البحث والذي بدورنا تطرقنا من خلاله الى مبحثين وهما : المبحث الأول ، بعنوان نطاق الجريمة البيئية ،والذي تناولناه في عنصرين أساسيين هما البيئة محل الحماية الجزائية والسلوك محل التجريم في الجرائم البيئية ثم المبحث الثاني وتطرقنا فيه الى الطبيعة القانونية للجرائم البيئية ،والذي بدوره قمنا بتقسيمه الى مطلبين الأول خصص للسياسة الجزائية المتبعة في حماية البيئة ،والمطلب الثاني الجرائم البيئية بين جرائم الضرر وجرائم الخطر .
وتناول الفصل الأول من هذه الدراسة أركان الجريمة البيئية وأحكام المسؤولية الجزائية عنها ، وشكل هذا الفصل الدراسة الموضوعية اللازمة لتنظيم الحماية الفعالة للعناصر البيئية اذ خص بالجانب الموضوعي دون الجانب الاجرائي وقسم الى مبحثين : وتناول المبحث الأول منه ، أركان الجريمة البيئية ، العناصر الأساسية اللازمة لقيام هذه الجريمة والمتمثلة في الركن الشرعي و المادي والمعنوي. ثم في المبحث الثاني من هذا الفصل تناولنا أحكام المسؤولية الجزائية عن الجريمة البيئية بما تتميز به غالبية هذه الأحكام من الخروج عن القواعد التقليدية و التي قمنا بدراستها من خلال التطرق للمسؤولية الجزائية للأشخاص الطبيعيين و المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ، وانتهت دراسة أحكام المسؤولية الجزائية بتناول موانع المسؤولية التقليدية منها والمستحدثة .
وتناول الفصل الثاني ، بدراسة قمع الجريمة البيئية ، والذي يشكل الجانب الاجرائي من هذه الدراسة ، حيث ارتأينا أنه ولكي تكتمل هذه الدراسة يجب التطرق للجانب الاجرائي وعدم الاكتفاء بالدراسة الموضوعية للجريمة البيئية ، حيث تم تقسيم هذا الفصل الى مبحثين المبحث الأول معاينة ومتابعة الجريمة البيئية والمشكلات المتعلقة بإثباتها والذي من خلاله ركزنا على عمل سلطة الاتهام في البحث والتحري للجريمة البيئية وضبطها وإثباتها .
في المبحث الثاني تطرقنا الى العقوبات المقررة للجرائم البيئية ،وتشمل مختلف العقوبات التي تتولى جهة الحكم تسليطها على مرتكبي الجرائم البيئية ، والتي قد تكون إما عقوبات أصلية أو عقوبات تكميلية أو تدابير أمن . وتعبيرا عن رغبتنا في تعزيز الدفع نحو تطوير وتفعيل وسائل حماية البيئة لاسيما في مجال التشريع وتنفيذ القوانين ،
وتعزيز الثقافة البيئية لدى المواطنين عامة ،والموظفين العموميين ذوي الاختصاص على وجه الخصوص ، وقد خلصنا في دراسة موضوع المسؤولية الجزائية للمجرم البيئي الى استخلاص عدد من النتائج كما خرجنا بعدد من التوصيات