فوز العرب من عاصمة قطر “الدوحة” يعني الصوت والصدى لكل العواصم بالمسلمين والعرب، ويعني “الكثير)” للكثير شرقا وغرباً، شمالاً وجنوباً..!
وأعني بالكثير ذلك “الكثير” الذي إذا اقتحم عاصمةً عربية بصوت الفرح الكبير، فإنّ ذلك الصوت يعود لكل العرب بالصّدى من القاهرة وبحجم القاهرة تُدوّي عواصمنا بالتصفيق الرياضي والثقافي والسياحي والإقتصادي وحتى العسكري التاريخي المشهود للناطقين بالضاد سواءً وهى في ثوب الحداد بنكسة حزيران أو بتيجان انتصارات 6 أكتوبر والقاهرة كانت لنا دائما ولم تكن علينا يوما.
والقاهرة مهما إنشغلت بهمومها في الداخل، فكما وجدناها يوما مضمّدةً لجروح بغداد ودمشق وصنعاء وطرابلس، كذلك هى اليوم بالتصفيق والهاتافات بإمتداد النيل وعلوّ الأهرام إن فازت عاصمة عربية، فالقاهرة لم تقم يوماً بإحلال هموم أبناء النيل من سيناء و”دواعش وثم “إسرائيل” إلى أسوان والسودان وثم “الحبشة” وهى مستهدفة في الإتّجاهين بأبسط حقوقها من “الماء والهواء” ماء الحياة وهواء الحرية.
أغرب ما يحدث أننا عندما نصرّخ بأعلى أصواتنا “قَوووول…!” فإنّ ذلك الصراخ يجب أن لا يلغي إحتياجاتنا “اللاقووووولية…!” ولعلّها أساسية .. فمنها ما أمطرت السماء حجارة من سجّيل فجعلها كعصفٍ مأكول، وقد تراشقنا السماء نفسها الحجارة ذاتها مرة أخرى ولو تغير اسم “كورونا”.. أو تُنبته الأرض نفسها للتفريخ في الأكواخ والجبال ذاتها بعمامة وجُبّة وبثوبٍ غير “داعشي”..!
وفي السياقين المرجو والمعهود، سُمع اليوم من القاهرة ذلك الدويُّ المرجو المعهود من التهاني والتبريكات القلبية، ومباشرةً من الجهات العليا المتمثّلة بالرئاسة المصرية إلى المملكة المغربية الشقيقة لفوز المنتخب الوطني المغربي على منتخب البرتغال والتأهّل لنصف نهائي كأس العالم .. هذا “القَووووول…!” له شأنٌ كبير لكل العرب كأول منتخبٍ عربي وإفريقي يتأهل لهكذ المرجوّ غيرالمعهود.
وعلى دويّ صوت (قوووووول…!) إذا سألنا الكرة المتدحرجة في كأس العالم من أين أنتِ يا (الكرة..؟) وأجابت أنا (مصرية.!) .. فهل نصدّقها الإجابة على أنها المرجوّة المعهودة..؟!
نعم أصدّقها، بأنها كانت مرجوّة للأيادي العربية فباتت معهودة باليد المصرية، وأجزم القول لمن لايعلم ان الكرة على كروية كوكب الأرض لاتتصنّع على كوكب المرّيخ وإنما على كوكب الأرض وبختم أرض الكنانة(صُنع في مصر) .. هذه الصناعة العالمية منذ أن إنتقلت من باكستان الى مصر حافظت على جودتها في السباق التنافسي العالمي مهما أسرعت خيول السباق والتنافس بالتقنيات الآسيوية والأوروبية والعالمية أصبحت الصناعة المصرية في هذا المجال هى سيدة الصناعات تتدحرج في الأقاليم والقارات بشعار صُنع في مصر..!
هذه الكرة التي لايجيد ركلاتها الا أرجل معدودة في ميدان كأس العالم، يجيد صناعتها أيادي الآلآف في مصانع مصر وتصارخ من المونديال في وجوه شعب مصر “ان القطاع الصناعي عندكم قادر على كل شئ، قدرةً تعني القضاء على التنضخّم وإحلال أرقام الإستيراد بأرقام التصدير..!”
وهذا ما ركّز عليه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ إحلاله العقل المفكّر الإنتاجي محل الإسلام السياسي بالتركيز على توطين الصناعات المصرية وإنعاش شرايين الإقتصاد عبر ممراته المائية والبرية بتوسعة قناة السويس قبل كل شئ لترويج آفاق التعاون الصناعي بين مصر والدول المجاورة، ولإبقاء العملة المصرية رغم الأيادي الخفية المشبوهة، بوضعية أفضل العملات في الإقليم الأفريقي.!
نادرا ما نسمع أن وزيرا على وجه الأرض، طلب إعفائه من حقيبته الوزارية مقابل تعيينه أستاذا في الجامعة، او قاضي القضاة ينتقل من كرسي رئاسة المحكمة جلوسا الى قاعة المحامين وقوفا، الا اذا كان ذلك الوزير أوالقاضي بذلك الأمل المرجو المعهود المفقود.
تماما، فإن كانت ركلة الكرة المتدحرجة للداخل برِجله تملأه في الخارج فضة وذهبا وألماسا، فلنفكّر معا أن نوسع دائرة التصنيع لما صُنع في مصر بأياد مصرية تملأ الوطن الحبيب من النيل الى الفرات بكل ما يقوّي عُملاتنا الوطنية أمام العملات العالمية.
غدا ليس ببعيد إن كنا له بما يُريد.
الكاتب الإماراتي