لم يكن غريبا أن تجد الرياضة منافسات قوية من السياسة والاقتصاد فى مونديال قطر 2022 .تلك الاحتفالية العالمية التى استضافة نسختها الحالية دولة عربية لأول مرة فى تاريخ كأس العالم.صرفت قطر على البطولة 220 مليار دولار وهو رقم ربما يبدو للبعض كبيرا جدا ولكن فى حقيقة الأمر ان الثمار التى سوف تجنيها قطر بل وكثير من الدول العربية لا تقدر بمال.ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا ان الثمار بدأت بالفعل وأن قطر فى طريقها لحصد العديد منها.
المتأمل لما يحدث فى العاصمة القطرية الدوحة يؤكد أن الموضوع ليس فقط أموالاً طائلة صرفتها قطر على هذه النسخة التى لن ينساها عشاق الكرة على مر الزمان.لكن الأهم من الفلوس هو إرادة النجاح.لقد اعتمدت قطر على أهل الخبرة وليس اصحاب الثقة.وسدت الأمر لأهله وليس لمجموعة الأصدقاء المنتفعين فكان هذا النجاح الباهر الذي نستمتع به كل ليلة أمام شاشات التليفزيون ونحن نتابع كل ما يتعلق بالبطولة الجميلة التى زاد من حلاوتها ما يفعله منتخب المغرب الذي رفع أسهم العرب إلي عنان السماء.كثير من الدول لديها نفس امكانيات قطر المادية ولكن لو تخيلنا أى منها بديلاً لقطر لوجدنا الفشل سيد الموقف والشللية هى من تدير الأمور.
لم تكن السياسة بعيدة عن المونديال.حققت قطر بتلك الاستضافة مجموعة من الأهداف السياسية وبعثت رسائل بالغة الدلالة لكل من يهمه الأمر.نحن دولة ربما تكون صغيرة الحجم والسكان ولكننا مصممين على أن يكون لنا دوراً إقليميا بارزاً كشفت عنه شواهد الأيام الماضية من دولة كانت محاصرة حصاراً كبيراً ومع ذلك نجحت بالدبلوماسية الهادئة فى أن تنهى أى خلافات بينها وبين جيرانها الذين عادوا إلى رشدهم واعترفوا بخطئهم فى حقها و شاركوها فى افتتاح كأس العالم وما تضمنه من فعاليات سياسية حتى وإن كانت مغلفة بالرياضة.
تجلت السياسة فى أوج مظاهرها من هذه الجماهير وهذه الفرق التى حرصت على حمل علم فلسطين خلال المباريات وبعدها لترسل رسالة للعالم كله أن قضية فلسطين هي قضية الشعوب وليس الحكام وأن الشعوب عندما تواتيها حرية الحركة تضع فلسطين فى القلب منها.كذلك لم تكن الفعاليات الثقافية بعيدة عن ملاعب المونديال حيث استغلت قطر هذه الاحتفالية بنجاح كبير واستقبلت جماهير العالم بعد المباريات فى منتديات ثقافية وترفيهية فى مناطق سياحية وأثرية قطرية اصبح العالم كله الآن يعرفها ويتمنى زيارتها مثل كتارا وسوق واقف وغيرها.
نجاح قطر فى استضافة كاس العالم على جميع الاصعدة سوف يبطل حجج الفشلة الذين يتذرعون بأسباب وهمية ليبرروا فشلهم الذريع.فالنجاح ارادة قبل أن يكون إمكانيات.ولو توفرت لك كل الامكانيات ولم تتوافر لك تلك الإرادة فسوف تحصل على صفر كبير فى كل شيء وربما صفرين, وتلك هي المسألة!