من وسط موريتانيا أرسل لي مثقف خلوق سؤال بسيط ومتواضع مفاده، حدثني عن الكورد بما أنك منهم لأن الإعلام شوش أفكاري..؟؟
رغم أن القضية الكوردية أقدم بكثير من قضيتنا الأم وهي القضية الفلسطينية ، إلا أن الكثير من العرب ومنهم المثقفين ما زالوا يجهلون الكثير عنها .
الكورد قومية لها تاريخ طويل قبل وبعد الرسالة المحمدية العظيمة ، طبعا السواد الأعظم منهم مسلمون ، وهناك أتباع ديانات آخرى ، لنا لغتنا الخاصة ومكونة من عدة لهجات ولا تمت بصلة إلى اللغة العربية أو التركية أو الفارسية ، وأيضا ليست خليط من اللغات الثلاث هذه كما يدعي البعض.
كما أن الثقافة الكوردية تضم كم مرعب من الأدباء والمثقفين ومنهم من ترك بصمته في الثقافات المختلفة عند العرب والأتراك بسبب معايشتهم لهم ، وثيابهم الجميلة وعادات وتقاليد اجتماعية متوارثة جيل بعد جيل .
مشكلة الكورد أن الكل يريد دمجهم ومسح هويتهم ، فصدام حسين فتك بالآلاف القرى بالأسلحة الكيميائية ، والحكومات التي حكمت تركيا وإيران وسوريا سجلها أسود بحقوق الإنسان والقصص عن مظلومية الأكراد هناك تحتاج ملايين الصفحات حتى نذكر بعضا منها.
ما يريده الكورد هو أن يعيشوا حياتهم الطبيعية واحترام هويتهم ، ولهذا سعوا منذ وقت طويل لخلق كيان لهم على أراضيهم ، وهذا الحلم تحقق بإعلان ” جمهورية مهاباد” أُنشأت سنة ألف وتسعمائة وستة وأربعين ولم تدم أكثر من عام بسبب المؤامرات التي حيكت عليها ، وفي منتصف التسعينات انتزع الكورد حريتهم وخلقوا كيان بأقليمهم في شمال العراق ، ورغم ما فيه من مشاكل إلا أن الوضع فيه أفضل من دول كثيرة في منطقتنا الملتهبة .
أختر الكورد “حق تقرير المصير” كما فعلت أغلب شعوب العالم المتحررة التي تريد كل شيء بطرق سلمية وديمقراطية ، ومارسوا هذا الحق في السنوات الماضية ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ،ولهذا دائما المتابع للشأن الكردي يجدهم ساخطون على الواقع ويحاولون التمرد بشتى السبل والطرق ، وبالتأكيد الكل يعلم أن من يحاول أن ينتزع حقوقه سوف يتعرض لحملات تشويه ورفض ونقد جارح ، بل وحتى الاتهام بالخيانة.