وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد “السيدة نفيسة” رضي الله عنها بالقاهرة:
ويؤكد: السعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه
وإن أردت الخير فعجل وبادر ولا تؤجل
كتب عادل يحيي
فالدنيا كسوق امتلأ ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة، ألقى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد : “السيدة نفيسة” رضي الله عنها وأرضاها بالقاهرة اليوم 13/ 1/ 2023م، بعنوان: “اغتنام عهد الشباب في بناء الذات .. إتقان العبادة وإتقان العمل” وذلك بحضور الدكتور/ هشام عبد العزيز رئيس القطاع الديني، والدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور/ سعيد حامد مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة، والشيخ/ جمال إسماعيل مدير إدارة جنوب القاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.
وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن الله (عز وجل) بعث نبينا محمدًا هاديًا وبشيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، هدى الله به الأمة، وكشف الله به الغمة، وقال (صلى الله عليه وسلم): “كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى”، وقد بذل لنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) النصح فيما يتعلق بأعمارنا وأحوالنا، فنصحنا أن نستغل العمر والصحة والشباب والغنى أو ما بقي منهم فيما يرضى الله (عز وجل)، فاغتنام مرحلة الشباب في الخير والبناء مطلب ديني ووطني، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك”، وإذا علم العاقل أن الشيب قادم لا محالة، حيث يقول سبحانه: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ” علم أن كل قوة إلى ضعف، فلابد من أن يسأل العاقل نفسه سؤالًا: من يستطيع أن يرد الشيب إن أتاه؟ أو يرد السقم إن أتاه؟ ولذا يقول (صلى الله عليه وسلم): “بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسيًا، أو غنًى مُطغيًا، أو مرضاً مُفسدًا، أو هَرَماً مُفنِّدًا، أو موتاً مُجهِزًا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، والساعة أدهى وأمر”، وقد قيل لسيدنا نوح (عليه السلام): يا نوح كيف وجدت الدنيا، فقال: “كرجل بنى بيتًا جعل له بابين دخل من باب وخرج من باب”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ”، فعلينا أن نُحاسِب أنفسنا قبل أن نُحَاسَب، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه، فما الدنيا إلا كسوق امتلأ ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر.
كما أكد وزير الأوقاف أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) حذرنا من الغفلة أو الركون إلى الحياة الدنيا، أو أن نغتر بشبابنا أو صحتنا أو مالنا، فنغفل عن الله (عز وجل)، كما بين لنا عظيم الثواب إن اغتنمنا ذلك في طاعة الله (عز وجل) أو الخير فقال (صلى الله عليه وسلم): “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ”، فإن أردت الخير فعجل وبادر ولا تؤجل فخير الصدقة العاجل منها ، فعن أَبي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ: “أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله ؟ قالوا يا رسولَ اللهِ ما منا أحدٌ إلا مالُه أَحَبَّ إليه من مالِ وارثِه فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم) اعلَموا أنه ليس فيكم أحدٌ إلا مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله، مالُك ما قدَّمتَ ومالُ وارثِك ما أخَّرتَ” فمالك ما تنفقه، ومال وارثك ما تخلفه، نسأل الله (عز وجل) أن نكون من الرابحين الفائزين في الدنيا والآخرة.