وكيل الأزهر من إندونيسيا: الفقه لا يكفي فيه حفظ المتون دون أن نأخذ منها زادا يضبط واقعنا المتجدد
الفقه لايتم بتناول أحكام جزئية وردت في سياقات خاصة دون فهم المقاصد العامة
السلام لا يكون إلا على أيدي الأمناء
الأزهر مؤسسة مسندة ورجاله أمناء ومناهجه مستقرة
مناهج الأزهر مستقرة وآمنة ترسخ الروح الحقيقية للإسلام
التكوين الأزهري يمثل وسطية الإسلام والفهم المعتدل لنصوص الكتاب والسنة
منهج الأزهر استبعد من قاموسه كل ما يؤدي إلى انغلاق و تعصب
منهج الأزهر سيبقى أقدر المناهج على علاج أزمة العقل الإسلامي المعاصر
كتب عبد العزيز السيد
قال فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الفقة في الدين لا يكفي فيه حفظ المتون والشروح والحواشي، ونقلها دون أن نأخذ منها زادا يضبط واقعنا المتجدد، كما أن هذا الفقه لايتم بتناول أحكام جزئية وردت في سياقات خاصة دون فهم المقاصد العامة، مؤكدا أن الفقة الألم والأكمل هو فقه السعادة، وفقه العمران، وفقه السلام، وأن هذه هي الترجمة الحقيقية لفقه الحضارة.
وعن كيفية إسهام العلماء في بناء السلام، أوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر العالمي الأول لفقه الحضارة، بإندونيسيا، والذي تنظمه جمعية نهضة العلماء الإندونيسية بعنوان: “فقه إسلامي جديد لأجل الحضارة الإنسانية الجديدة (فقه الحضارة)”، أن السلام لا يكون إلا على أيدي الأمناء أفرادا ومؤسسات، مؤكدا أن الأزهر الشريف مؤسسة مسندة، ورجاله أمناء، ومناهجه المعرفية مستقرة وآمنة ومرنة في الوقت نفسه، كما أن مناهج الأزهر الشريف تعمل منذ نشأته على ترسيخ الروح الحقيقية للإسلام في عقول الطلاب والمنتسبين ووجدانهم، عبر ترجمة صادقة لجوهر التراث الإسلامي الذي يدور حول أبعاد ثلاثة، هي العقيدة، والشريعة، والسلوك.
وأضاف وكيل الأزهر أن التكوين الأزهري اعتمد على مزج تلك الأبعاد الثلاثة (العقيدة والشريعة والسلوك) امتزاجا كاملا متناغما، من خلال دراسة علوم النقل والعقل والذوق، موضحا أن هذا التكوين الأزهري بهذا التركيب المتفرد يمثل وسطية الإسلام التي هي أخص وصف لهذا الدين القيم، كما يمثل الفهم المعتدل لنصوص الكتاب والسنة، وما نشأ حولها من إبداعات علمية وفكرية وروحية، كما أنه يرسخ في ذهن الطالب الأزهري، منذ نعومة أظفاره مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف، معتمدا على السعة العقلية والقلبية، التي مكنت هذا المنهج من أن يجنب أبناءه الانغلاق في الفكر، والتعصب للرأي.
وأوضح الدكتور الضويني أن المنهج الأزهري تجاوز مرحلة ترسيخ مبادئ الحوار وشرعية الاختلاف واحترام الرأي الآخر ومشاعر الرحمة والدين والرفق داخل الأمة المسلمة وحدها، وانطلق بطلابه ومنتسبيه إلى دائرة أوسع وأرحب، عمل فيها على ترسيخ المبادئ ذاتها فيما يخص علاقة الإسلام بغيره من العقائد والملل، بالإضافة إلى ضبط حركة حياة الإنسان حتى مع الجمادات من حوله.
وأكد الدكتور الضويني، أن منهج الأزهر الشريف استبعد من قاموس علومه كل ما يؤدي إلى انغلاق و تعصب، وما يترتب عليهما من فرقة وشقاق ثم من تكفير وقتل، فأصبح المذهب الوسط بين جموح العقليين وجمود النصيين، مشددا على أنه سيبقى، بما أنس عليه من تعددية مقبولة، وحوار منتج، وعقل مؤيد بالنقل، أقدر المناهج على علاج أزمة العقل الإسلامي المعاصر، وما آلت إليه الأمة من تفكك واضطراب وفوضى، وما تشهده الأوطان من دعوات مريبة تهدد استقرارها، وتشتت جهودها، وتفرق جمعها بدعاوى طائفية ومذهبية باطلة لا ترعى حرمة الأوطان ولا الإنسان، ولا تقيم وزنا لقيم العيش المشترك والسلام بين الناس.