تراشقاتٌ إعلاميةٌ هنا وهناك، لا تهدفُ لمصلحةِ أوطانٍ بل تسعى لتأجيجِ نارِ الفتنةِ والبغضاء، ولا يمكن لعاقلٍ حصيف أن يرى ذلك ويعتقد أن ما يحدث يصبُ في مصلحةِ الوطنِ العربي ولا يمكنُ أن يشير بخنصرٍ أو بنصرٍ الى أدنى مفاهيم القوميةِ العربيةِ التي شغلت الرأي العام في ستيناتِ القرن المنصرم.
يا سادةُ، أيها النافخون في النار!! رويدكم رويدكم!! من أين أتيتم؟ جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ليست تحالفاتِ قوى إقليمية فقط، ليست اتفاقياتٍ عسكرية، أو اتفاقيات غاز ونفط!!! مصر والسعودية والبحرين والكويت والإمارات وعمان وقطر أياً كان الترتيب لا يعنينا؛ انما ينبغي حينما تختلف القيادات السياسية أن تظل الشعوب خارج دائرةِ التأجيج فهل يُعقل أن يثور مصريٌ على السعودية فيمتنع عن الحجِ والعمرةِ!! أو يعقل أن يغضب سعودي فيمتنع عن زيارةِ مصرِ الأهرامات والنيل!! أحقاً ما تفعلون!! أأنتم واعون لما تخططون له؟؟!!
أيها النافخون في الكير!! السعودية ومصر أمنٌ قومي، وتحالف دولي، لا ينبيغي بحالٍ من الأحوالِ أن ينقطع، السعودية ضفةِ البحر الأحمر، ومصر الضفة الأخرى فأي أمنٍ قومي يمكن أن يهترأ في ظل هذه الأوضاع الجيوسياسية الراهنة. ينبيغي علينا أن نفهم جيداً أن الممرات المائية الدولية ليست ملكاً لدولةٍ بعينها تستطيع أن تنتفض وتغلقها كيفما شاءت، وكذلك العروبة والأخوة ليست صكاً لدولة تفرضها يوماً وتتحلل منها يوماً آخر.
العروبة والأبوة والإسلام مواثيقٌ إسلاميةٌ لا يمكن لكائنٍ من كان أن يتلاعب بها، وينبغي أن نعلم جيداً أنه لا يمكن لدولةٍ أن تتكبر وتتعالى على دولةٍ عربيةٍ شقيقة. ليس هكذا ترد الإبل يا أبناء مصر العروبة، إذا كنا أصحاب الفضل في العلمِ والمعرفةِ على دول الخليج فذاك وقارٌ لنا وفرض عينٍ علينا وليس عارٌ أو نقيصةً يتهم بها أبناء الخليج كما تفعل بعض الأقلام المأجورةِ الساعيةِ للوقيعة بين الجلدِ واللحمِ، نحن جسد واحد« مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى». والمعلم ينبغي أن يتصفً بصفاتِ القدوةِ وصفات الرسلِ والأنبياء والله يقول «قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍۢ يَتْبَعُهَآ أَذًى ۗ وَٱللَّهُ غَنِىٌّ حَلِيمٌ».
لسنا في مجال المحاصصات من دفع ومن أعطى ومن منع!! حينما زأرت مصر وشقيقاتها من الدول العربية لنصرة الكويت ذاك ليس فضلاً من مصر ولا من غيرها ذاك واجب العروبة والإسلام الذي فرضته الشريعةِ، وحينما هبت الدول العربية في وقفةِ رجلِ واحد لرأب الصدع المالي في مصر أيضاً ذاك ليس فضلاً نتنمر به…. هذه هي أولى مفاهيم الرجولةِ، وأولى منصات الرجولة التي حثنا عليها ديننا الحنيف، لا ينكر إلا جاحد فضلَ مصر وفضل أهلها وعروبتها وشهامة رجالها في كافة المواقف؛ إلا أن هذا التصريح لا ينفي فضل دول الخليج ووقوفها درعاً حامياً في ظهر مصر في كافةِ المواقفِ والأزمنة وعلى مر العصور والمحن…. والسؤال الآن لماذا هذا الإستقطاب السياسي والمراوغةِ الدراماتيكية؟ ومن المستفيد من وقيعة مصر والسعودية؟! أنا لست مصطفةً مع أحد فأنا بحرينية مصرية سعودية كويتية إماراتية عمانية دمائي عربية، وأدين بدين العروبةِ والإسلام، لا أنافح أحداً على عروبته، ولا أزايد على أحدِ في وطنيته، لكن اذا ما تصاعدت وتيرة الفرقة كم من عربي سيتأثر جراء هذه المشاحنات؟ كم بيتاً ستغلق عليه أبواب الرزق؟ كم شركة ستتأثر جراء قطع العلاقات أو توترها؟ أيعقلُ أن نتركَ موارد التنمية واستغلال مقدراتنا العربية ونبحث في الشوائبِ وننفخ في الكير لإشعال النيران؟! لماذا لم ننشغل بإقامة اقتصاد عربي حر ننافح به دول العالم؟! لماذا لم تستغل مصر امكانياتها ومواردها الخام حتى تاريخه وتفعّل مصانعها ومقدراتها؟! ما هو العائق؟ واذا ما كانت هناك مشكلات اقتصادية لماذا لم يجلس المتحاورون المتحابون في الله من رؤساء الدول لوضع الحلول الاقتصادية الجازمة لإنهاء الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدول العربية قاطبةً؟!
مصر ليست دولةٌ عارضة أو كيان عابث. مصر دولةٌ محورية شاء من شاء وأبى من أبى، مصر دولة تفوق حضارتها ال 7000 سنة وأول من ينبغي عليه الإيمان بهذه المقولة هي مصر ذاتها وأبناء شعبها ولا يمكن بحالٍ من الأحوال أن تتراجع مصر عن مكانتها، ولا يمكن أن يكون هذا مستوى الدخل العام لدى أبنائها، على مصر أن تنهض من سباتها وتستعيد هيبتها ودورها المحوري في الشرق الأوسط، وينبغي علينا أن نترك لعبة الإستقطابات السياسية فمصر قلب الخليج العربي وسقوطها سقوطٌ لأنظمة عربية كثيرة فالأمر ليس انتقاءًا الأمر جدُ خطير وما يحاك بالأمة العربية لا ينكره إلا جاهل مغموس في الجهل، والمخطط ليس تفتيت الدول العربية فحسب بل تدميرها وتدمير مقدراتها وجعلها كينونات صغيرة!! يا عرب أفيقوا فشعوبكم في خطر…. الأمر ليس نزاع مصر وأعمدة كاتبيها مع السعودية ومفكريها أو غيرها من الدول العربية!! الأمر أجلً من ذاك الأمر تحطيم الجيوش وسحق الأجهزة الأمنية الإستخباراتية وشغلها في منازعات الوجود الفردي بدلاً من السيطرة الجماعية للقوة العربية فهل أنتم منتهون أم ستنجر أقدامكم في عبثية الغرب ومخططاته.
أعتقد أننا كشعوب عربية علينا الإتحاد والإنصهار في أمة عربية مسلمة كتابها من عند ربها ورسولها امام عقيدتها…..
اللهم بلغت اللهم أبرأ من ذنبي تقصيري وضعف قوة قلمي….