الإخبارية مسقط، وكالات:
كشفت الإحصائيات الصادرة عن البنك المركزي العماني، عن تحسن آفاق الاستقرار المالي في سلطنة عُمان بعد ارتفاع الأصول الأجنبية، خلال الربع الأخير من العام الماضي 2022، حيث ارتفعت من 6.2 مليار ريال عماني بنهاية أكتوبر إلى 6.3 مليار عماني بنهاية نوفمبر ثم 6.7 مليار ريال عماني بنهاية ديسمبر من العام الماضي.
يأتي هذا المستوى المرتفع للاحتياطي ضمن عدد من المؤشرات على استمرار التحسن في الوضع المالي لسلطنة عمان، حيث سجل إجمالي الدين العام انخفاضا ملموسا على مدى العامين الماضيين وبلغ أقل من 18 مليار ريال عماني بنهاية عام 2022، وواصلت مستويات السيولة المحلية توجهها نحو الارتفاع، وسجلت 20.340 مليار ريال عماني مقارنة مع 20.220 مليار ريال عماني بنهاية 2021.
وارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سلطنة عُمان بنهاية الربع الثالث من عام 2022 ليتجاوز 18 مليار ريال عُماني بنسبة زيادة 10.4 بالمائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، ونجحت سلطنة عمان في احتواء التضخم وتوجيهه نحو التراجع رغم معدلاته المرتفعة للغاية عالميا، وكان معدل النمو الاقتصادي المحقق في عام 2022 من بين أبرز الإنجازات، حيث أشارت تقديرات أولية لوزارة المالية إلى أن حجم الناتج المحلي قد تخطى 44 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي.
ويتصدر الاستقرار المالي أولويات المرحلة الأولى للرؤية المستقبلية بهدف الوصول للاستدامة المالية كأحد ممكنات «رؤية عمان 2040»المستقبلية، وخلال العامين الأخيرين قامت سلطنة عمان بشكل مستمر برفع مستوى الاحتياطي المالي، ونجحت في توفير هوامش أمان مالية جيدة نتيجة صعود أسعار النفط، وأتاح الارتفاع في مستوى الاحتياطي استعانة سلطنة عمان بجانب من الاحتياطي لتمويل احتياجات الميزانية العامة مما مكن من تقليص الاحتياج للتمويل الخارجي، وانتهاج سياسة ناجحة لاستبدال بعض القروض الأعلى كلفة بأخرى أقل كلفة وبالتالي خفض الأعباء المستقبلية للديون، وإظهار بعد استراتيجي مهم في سياسة سلطنة عمان تجاه إدارة ملف الديون، وتم تمويل الميزانية بنحو 600 مليون ريال عماني من الاحتياطي خلال عام 2021 وبحوالي 1.3 مليار ريال عماني خلال عام 2022.
وقد رصدت أحدث التقارير المالية والاقتصادية استمرار تحسن آفاق الاستقرار المالي، وتراجع حدة المخاطر التي نتجت عن هبوط النفط وما تلاه من تبعات حادة للجائحة، ورصد أحدث تقرير سنوي للبنك المركزي حول الاستقرار المالي لعام 2022م أن المخاطر المتعلقة بالاستقرار المالي بسلطنة عُمان قد خفت وطأتها، كما حافظ القطاع المصرفي على قدرته على امتصاص صدمات متنوعة دون التأثير سلبا على عرض الائتمان والاقتصاد الحقيقي.
وأشار التقرير إلى أن مستويات الاحتياطي الأجنبي الحالية تفوق المستوى المحدد في المعايير الدولية المتبعة لقياس كفاية هذه الاحتياطيات، سواء في معايير الكفاية أو عدد الأشهر التي يغطيها من الواردات.
كما رصدت تقارير المؤسسات الدولية ومن بينها صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني الكبرى التقدم الذي حققته سلطنة عمان على الصعيدين المالي والاقتصادي، وأشارت هذه المؤسسات إلى أن ارتفاع أسعار النفط يعزز استمرار هذا التقدم، مدعوما بالالتزام بخطط التوازن المالي والمضي قدما في ملف التنويع الاقتصادي، وجهود جذب وتشجيع الاستثمارات.
وقد أكد صندوق النقد الدولي على أن سلطنة عمان تواصل سعيها الحثيث نحو تنفيذ مجموعة واسعة من الإصلاحات الهيكلية في إطار «رؤية عُمان 2040» بهدف تحقيق نمو قوي وغني بالوظائف ومستدام بقيادة القطاع الخاص لتوفير فرص للباحثين عن عمل وضمان تحسين الأوضاع المعيشية للأجيال المستقبلية، وتتضمن أهم الأولويات تعزيز مرونة سوق العمل، وزيادة نسب مشاركة الإناث في القوة العاملة، وتحسين بيئة الأعمال، والمضي قدما في إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، والاستفادة من التحول الرقمي، ومواصلة العمل على تنفيذ المبادرات الخضراء.
وبينما تبدي سلطنة عمان التزاما كبيرا بالمضي في خطط التوازن والاستقرار المالي وسياسات التنويع الاقتصادي، من المرجح استمرار التقدم الكبير في كافة المؤشرات المالية والاقتصادية خاصة مع بقاء أسعار النفط والغاز عند مستويات جيدة ما، يقود إلى زيادة حجم العائدات العامة، ويتيح تعزيز النمو بمشروعات جديدة، والاستمرار في خطط خفض حجم الدين العام.
ومن ناحية أخرى، تسهم منظومة الحماية الاجتماعية المتكاملة والشاملة التي أعلنت عنها سلطنة عمان مؤخرا في توفير الحماية للفئات المستحقة، والحفاظ على مستوى معيشة المواطن مع الاستمرار في تنفيذ خطة التوازن المالي التي تستهدف وضعا ماليا مستقرا للدولة، يعتمد على إيجاد مصادر مستدامة للإيرادات العامة من خارج قطاعي النفط والغاز.
الجدير بالذكر أن الاحتياطي الأجنبي يعد معيارا أساسيا في تحديد قوة المركز المالي للدول، وهو عبارة عن إجمالي الودائع والسندات والعملات وسبائك المعادن الثمينة لدى البنوك المركزية والسلطات النقدية، من أجل تحقيق عائد جيد للاستثمارات الخارجية ودعم العملة الوطنية وتوفير غطاء مناسب للواردات، ورغم التحديات الكبيرة خلال السنوات الماضية إلا أن دعم الاحتياطي أسهم دائما في تعزيز المركز المالي لسلطنة عمان والحفاظ على قوة الريال العماني، وإلى جانب الإدارة الناجحة لملف الدين العام، كان الحفاظ على حجم ملائم للاحتياطي أحد العوامل المهمة في تحسين التصنيف الائتماني لسلطنة عمان، والذي شهد رفعا متواليا من قبل كافة مؤسسات التصنيف الائتماني خلال 2022م.