لا أدرى إلى متى ستظل الحكومات المصرية تتعامل مع المصريين فى الخارج باعتبارهم البقرة الحلوب التى يجب حلبها يومياً.لماذا يعتقد كل مسئول أن هؤلاء المصريين يجدون الدولارات فى الخارج ملقاة فى الشوارع أو على الأكثر فوق الأشجار وكل ما عليهم ان يهزوا جذوع تلك الأشجار لتتساقط الدولارات عليهم رطبا جنيا فيأكلون منها وتقر أعينهم بل ويرسلون ما يفيض منهم للحكومة فى مصر لتحل بها أزماتها التي عجزت عن حلها بسياسات اقتصادية ناجعة,فتلجأ للحل الأسهل الا وهو حلب المصريين فى الخارج.
مؤخرا ابتكرت الحكومة مبادرة فاشلة لاقناع المصريين بالخارج لاستيراد سيارات بدون جمارك مقابل وديعة دولارية مغلقة لسنوات طويلة ثم يتم فكها بالعملة المحلية.طبعا المبادرة لم تحقق المطلوب منها رغم محاولات الترقيع والتحسين التى أدخلتها الحكومة عليها.فإذا بمن هو محسوب على النظام بل وهو المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية وأعنى به المحامى الشهير بهاء الدين أبو شقة يطالب بفرض رسوما أو ضريبة أو جباية أو سمها ما شئت على فلوس المصريين بالخارج تحت حجة تنظيم عملهم ومعرفة عددهم.وعندما جاء رد الفعل عنيفاً أنكر الرجل ما قاله رغم أن الفيديو موجود وتم اذاعته أكثر من مرة.وكان الأفضل ان يعترف بخطأ هذا الطرح بدلاً من محاولة الالتفاف على الكلام لايهام الناس بأنهم فهموا كلامه خطأ وأن لم يكن يقصد ما فهموه.
كيف فات على السياسي المحنك خطورة مثل هذا الاقتراح على حصيلة تحويلات المصريين بالخارج والتى تعد أحد أهم مصادر الدخل القومى والتى أصلاً تراجعت حسب تقارير البنك المركزى بحوالى 20% خلال العام المالى الحالى عن السابق بسبب قلق المصريين فى الخارج على مصير أموالهم فى البنوك المصرية و اهتزاز ثقتهم ولأول مرة فى النظام المصرفى المصري الذي هو صمام الأمان للاقتصاد والذي حماه من تقلبات عالمية كثيرة كادت تعصف به لولا وجود نظام مصرفي قوي وآمن.لكن رأس المال جبان والعيار “اللي مايصيبش يدوش” فما بالك بمثل هذا المقترح الذي يمكن أن يدمر البقية الباقية من ثقة المصريين فى الخارج فى بنوكهم واطمئنانهم على أموالهم التي يحولونها للبلد؟
ارفعوا أيديكم عن المصريين فى الخارج وكفاهم ما هم فيه من الغربة ومرارتها ولا تزيدوا أوجاعهم بمثل تلك المقترحات الغبية التى تضر ولا تنفع.وابحثوا عن حلول وسياسات تجلب العملة الصعبة وتعيد المصانع المغلقة وتعيد عجلة الإنتاج للدوران من جديد وإلا فاستقيلوا غير مأسوف عليكم!