فى كتابه الرائع ” أصول الفقه ” يقول الشيخ العلامة محمد أبو زهرة :
القرآن لم يكن معجزة مادية تنتهى فور حدوثها، وإنما معجزة معنوية تتفق مع عموم الشريعة و خلودها، ذلك أن المعجزة المادية لا يراها إلا طائفة من الناس، ثم تعلم بها الأجيال التالية كخبر لم يشاهدوه بأنفسهم، أما المعجزة المعنوية فهى تحمل معها إعجازها وبرهان الرسالة إلى يوم القيامة.
فهناك أولا: بلاغة القرآن وارتفاعها إلى درجة لم تعرف فى كلام العرب قط، جزالة في الألفاظ، وأسلوب رائع يشتد أحيانا فيكون كالقارعة العنيفة تهز المشاعر والحواس، ثم يرق الأسلوب في مواضع الرفق كأنه النمير العذب ينساب في النفس انسيابا، حتى إن قريش لفرط تأثيره فيهم لا يدرون من أى ناحية يجىء التأثير، فيقولون إنه لسحر، وما هو بالسحر، ولذلك كانوا يخشون من تأثيره فيهم، فتواصوا فيما بينهم ألا يسمعوه.
وهناك ثانيا: إخبار القرآن بأحوال القرون السابقة، أحوال الأنبياء وأقوامهم، كل هذا جاء على لسان أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولم يجلس إلى معلم.
والوجه الثالث: إخبار القرآن عن أمور مستقبلية، كانهزام الفرس بعد انهزام الرومان، وقد وقع الأمر كما أخبر القرآن الكريم، وقد وعد الله المؤمنين بالنصر في غزوة بدر فتحقق النصر، ووعدهم القرآن بدخول المسجد الحرام، فتحقق ما وعد به، كما وعدهم باستخلافهم في الأرض، وتحقق ذلك الوعد الإلهى فاستولى المسلمون في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) على كل جزيرة العرب، ثم فتحوا البلاد المجاورة بعد وفاته، وهذه الأخبار الصادقة عن المستقبل دليل على صدق القرآن.
وهناك وجه رابع للإعجاز يفوق كل ماسبق، ألا وهو شريعة القرآن التى اشتمل عليها، ولكى يعرف المرؤ فضل شريعة القرآن لابد من الموازنة بينها وبين القانون الرومانى الذى كان يعد خير منظم قانونى فى العصر القديم، فإن هذه الموازنة هى التى تبين فضل ما أنزل على هذا النبى الأمى، وبها يستدل على صدق ما جاء به.
الشريعة القرآنية ساوت بين الأجناس، فلا فضل لعربي على أعجمى إلا بالتقوى، وإذا ارتكب العربى ما يعاقب عليه لم يفلت من العقاب، أما القانون الروماني فجعل مزايا خاصة للرومان، وجعل عقابهم دون عقاب غيرهم.
الشريعة القرآنية أعطت الحرية الكاملة لكل من بلغ سن الرشد، لا فارق بين ذكر وأنثى، أما الشريعة الرومانية فجعلت ولاية الأب تستمر على ولده ما دام الأب حيا، والولد كالرقيق فى يد أبيه، إلا أن يمنحه الأب الحرية، فهى منحة من الأب وليست حقا للابن.
والشريعة الإسلامية عاملت المدينين أرفق معاملة، فإذا عجزوا عن سداد الدين سدد عنهم بيت مال الزكاة بنص القرآن، أما الشريعة الرومانية فقد كان يسترق المدين إذا عجز عن الأداء.
والشريعة الإسلامية عاملت الرقيق أرفق معاملة، وضيقت نطاق الرق، ووسعت نطاق العتق، واعتبرت رق الإنسان نظاما استثنائيا، لذلك لم ينص على الرق قط في القرآن، ولم يصرح الحديث النبوى بإباحته، وإنما الذي نص عليه هو العتق.
والشريعة القرآنية جعلت للمرأة ذمة مالية مستقلة، وما كان لها عند الرومان أی حقوق.
XXX
وعن القرأن أيضا يقول البروفيسور“جفرى لانج” عالم الرياضيات الأمريكي الذى أسلم عام 1980 في كتابه ” الصراع من أجل الإيمان ” ص ٣٤ :
القرآن هذا الكتاب الكريم قد أسرني بقوة، وتملك قلبي، وجعلني أستسلم لله، وإنه يدفع قارئه إلى اللحظة القصوى، حيث يتبدى للقارئ أنه يقف بمفرده أمام خالقه.
وإذا ما اتخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة، فهو يحمل عليك، وكأن له حقوقاً عليك، ثم بدا واضحاً أن منزل القرآن كان يعرفني أكثر مما أعرف نفسي، لقد كان القرآن يسبقني دوماً في تفكيري، وكان يخاطب تساؤلاتي، وفي كل ليلة كنت أضع أسئلتي واعتراضاتي، ولكنني كنت أكتـشف الإجابــة، لقد قابلت نفسي وجهاً لوجه في صفحات القرآن.
بعد أن أسلمت كنت أُجهد نفسي في حضور الصلوات كي أسمع صوت القراءة على الرغم من أني كنت أجهل العربية، ولما سئلت عن ذلك أجبت: لماذا يسكن الطفل الرضيع ويرتاح لصوت أمه؟ أتمنى أن أعيش تحت حماية ذلك الصوت إلى الأبد.
XXX
ويقول الباحث الأمريكى “ستيفن آلان” الذى صار يدعى “محمد سليم” بعد إسلامه:
قرأت القرآن صدفة، استعرت نسخة إنجليزية من زميلة غير مسلمة تدرس الأديان، فأذهلنى وجود آيات فيه تتحدث عن حقائق علمية لم نعرفها إلا فى العصر الحديث، وهو كتاب نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 14 قرنا، فكيف لرجل أمي في الصحراء أن يضع كل هذه المعلومات العلمية في كتاب؟
وجدت آية فى سورة “النور” تصف بدقة طبقات المحيطات والبحار وتطابق الحقيقة العلمية، وأنا تخصصي “علوم الجغرافيا”، وآية فى سورة “المؤمنون” تصف تكون الإنسان بشكل مذهل، وآية فى سورة “الزمر” تتحدث عن ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (ظلمات ثلاث)، كنت مندهشاً جدا من هذه الآيات، لأنها تصف أشياء علمية لا يفهمها إلا خالق لها، وكلها حقائق علمية لا تقبل النقاش، لقد أذهلنى القرآن وجذبنى وأقنعنى بالإسلام.