لست من هواة الحنين المرضى إلى الماضي، ولم أفكر يوما فى استعادة أى ماضٍ خاص أو عام، لأن الماضى لا يٌستعاد، والشعوب التى يشدها الحنين إلى الماضى وتلوى عنق أيامها الجارية إلى الخلف، شعوب بلا مستقبل، فهى تتخيل أن ما صنعه السلف فى تلك الأيام البعيدة « هو «غاية المراد من رب العباد»، ولن تقدر على تجاوزه أو صناعة مثله، وهذا عجز عن إدراك حقائق الحياة وحكمة الخالق والخلق، وبالتالى لا تستطيع أن تفهم حاضرها والتعامل مع مشكلاته، بالعودة إلى واقع القدماء، أفكارهم وأقوالهم وأعمالهم لتٌنفذها فى عصر مختلف وبيئة مختلفة وعلاقات متغيرة ونظم جديدة، وكلما سألت واحدا من عشاق الماضى المتيَّمين به عن أزمة حالية وعلاجها، يطير بك إلى زمان فات ومات، ويقص عليك حكايات وأقوالا عن فلان أو علان ..الخ، كما لو أن العقل البشرى قد تجمد عند هؤلاء، وأن المعارف الإنسانية