الضغوط النفسية مصطلح يشير إلى عدم التوافق مع البيئة والذات ومحاولة التقليل من عدم التوافق لتجنب التوتر الانفعالي المرافق من أجل المحافظة على الإحساس بالذات و تشير إلى تغيرات داخلية أو خارجية من شأنها تؤدي الي استجابة فعالية حادة ومستمرة. وتعد مرحلة المراهقة من أكثر المراحل العمرية التي تشهد تغيرات نفسية وانفعالية وعقلية تؤثر مشاكل الصحة النفسية على العديد من مجالات حياة الطلاب؛ مثل: صحتهم البدنية،
وعلاقاتهم الاجتماعية مع أسرهم، أو مع الأصدقاء والمدرسين، ويعد التطور الأكاديمي أو التحصيل الدراسي من أهم الجوانب التي تتأثر بالمشاكل النفسية التي يعاني منها الطلاب، فمن المعروف أن القلق، ومرض الاكتئاب وغيرهم من المشاكل النفسية تؤثر بشكل سلبي على قدرة الطالب على الانخراط في دراسته، وتكوين صداقات جديدة، وتحقيق الاستفادة القصوى من تجربته الدراسية.
لذا فإن هذا التغير يؤدي الي الضغط النفسي يعد الضغط النفسي جزء من طبيعة الحياة العصرية التي ارتبطت بزيادة الضغوط نتيجة التغير السريع والمتلاحق في كل المجالات، مما يجعل الفرد يواجه الكثير من التحديات في سبيل تحقيق أهدافه وتلبية احتياجاته،
لذا أولى العلماء والباحثون في تخصصات مختلفة الضغط النفسي الكثير من اهتمامهم نظرا لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع عموما، ولتزايد الاهتمام بالصحة النفسية خاصة لدى التلاميذ في المجال المدرسي. ومنه ينبغي تحديد هذا المفهوم والكشف عن أهم مصادره في المجال الدراسي والاستراتيجيات الفعالة لمواجهته
يحدث الفشل الدراسي عندما تصبح علاقة الطالب بالكتاب المدرسي سيئة وغير واضحة، وغالبا ما يترك الكتاب ويهمله، وبذلك تتكون فجوة كبيرة بين الطالب وعملية التحصيل والدراسة ككل، وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الفشل الدراسي، أهمها هي الحالة النفسية للطالب والتي يمكن أن تحدث نتيجة ظروف عائلية، أهمها الخلافات المستمرة داخل البيت والتي تسبب التفكك الأسري وشرود الطالب في التفكير في المستقبل المظلم،
وأيضاً سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية تؤثر كثيرا على نفسية الطالب، ففي بعض الأحيان يضطر الطالب إلى الخروج للعمل لمساعدة أسرته الفقيرة على الإنفاق، بما يخلق لدى هذا الطالب حالة نفسية غير سوية، لأنه لا يعيش مثل بقية أقرانه من الطلاب،
وغالبا ما ينعكس ذلك على العملية التعليمية، ويمكن أن يصاب الطالب أو التلميذ بحالة نفسية ناجمة عن رعب التفكير في المستقبل، وتتراكم عليه الهموم بسبب هذا التفكير في أنه حلم والديه في أن يصبح متفوقا ويحصل على أعلى مكانة علمية، والحالة النفسية غالبا ما تؤدي إلى الفشل الذي يغير مسيرة الحياة، ويزيد من تفاقم الضغط النفسي بسبب تحطم الأحلام والألم النفسي نتيجة فقدان الأمل والهدف الذي ضاع.
تؤثر الحالة النفسية الجيدة على التحصيل الدراسي، وتؤدي إلى التفوق وتحقيق الهدف في الالتحاق بأعلى الكليات، وذلك على الرغم من التقصير في بعض الجوانب الأخرى التي تتعلق بالعملية التعليمية، فهناك بعض الطلاب الذين ينقطعون بعض الأيام عن المدرسة نتيجة بعض الظروف، وأيضاً لا يلاحظ عليهم تفوق بدرجة كبيرة أثناء المناقشات في الفصل،
ويجلسون فترات قليلة للمذاكرة، ولكن حالتهم النفسية السعيدة والقوية تجعلهم من أوائل الطلاب في نتيجة آخر السنة الدراسية، ويتفاجأ أقرانهم من الطلاب بعد حصولهم على هذه النتيجة الكبيرة، والسر في الحالة النفسية السوية والجيدة، التي وفرت للطالب ظروفاً للتحصيل الدراسي في أوقات قصيرة، والتصميم على النجاح والتفوق والمنافسة، ورأينا بعض الطلاب الذين انقطعوا عن الدراسة فترات طويلة بسبب إجراء بعض العمليات الجراحية، ثم أكملوا الدراسة بالمنازل، وكانت النتيجة أنهم حصلوا على درجات كبيرة تؤهلهم إلى كلية الطب أو كليات القمة، وهذا يرجع إلى توافر الظروف النفسية المناسبة والملائمة لتعويض ما فات من وقت
ومن مقررات دراسية، بل تفوقوا في التحصيل الدراسي في أوقات قياسية، فكل طالب أو طالبة لديه قدرات عقلية قوية، تستطيع أن تقوده إلى التفوق والحصول على الدرجات النهائية، ولكن الشرط الأساسي هو توافر الظروف والعوامل النفسية الطبيعية والسوية التي تمكن الطالب من تحدي من حوله، والاستخدام الأمثل لهذه القدرات العقلية في التحصيل والتعلم والتفوق. إن التوتر هو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لكل منَّا، ولا تكاد تخلو منه مرحلة من مراحل الحياة وخصوصًا أثناء فترة الدراسة. يؤثر التوتر والضغوط النفسية على كل جوانب الحياة ولا سيما التحصيل الدراسي والأكاديمي، لأننا عندما نشعر بالتوتر والارتباك قد تتأثر قدراتنا على المحاكمة والتفكير، ونتجنب رؤية الأصدقاء والعائلة وقد يمتد الموضوع إلى أبعد من ذلك ويؤثر بطريقة سلبية على الحالة المزاجية
ويؤدي إلى اضطرابات في النوم والأكل، وقد أكدت أكثر من دراسة أنَّ للضغط النفسي تأثيرات هامة على مهارات التفكير وتطور الدماغ وصحته. اعتبارات تشريحية وفيزيولوجية تؤثر الهرمونات التي يفرزها الجسم في أوقات التوتر والشدة بشكل مباشر على الدماغ والمشابك العصبية،
وتؤثر على الاتصالات العصبية في القشرة الجبيهة الأمامية المسؤولة عن الوظائف التنفيذية التي تشمل الذاكرة العاملة والتنظيم الذاتي والقدرات المعرفية، فالوظائف التنظيمية حاسمة للحس المنطقي والتخطيط وحل المشاكل وتنظيم العواطف والانتباه، وهي ضرورية بلا شك للنجاح الأكاديمي وقابلية التعلم. أما الدماغ المتوسط فهو محور الاستجابات العاطفية، ويمكن أن يؤثر التوتر والاضطرابات العاطفية على اللوزة الدماغية هناك علاقة واضحة بين الصحة النفسية الجيدة والتحصيل الدراسي. في الواقع، لا يزال يُنظر إلى التحصيل الدراسي على أنه المقياس الأساسي للنجاح في العديد من المدارس. هذا هو سبب أهمية تعزيز الصحة العقلية والرفاهية في المدرسة.
تتمثل إحدى طرق القيام بذلك في ضمان وصول جميع الطلاب إلى موارد الصحة العقلية. على سبيل المثال، يمكن للمدارس تزويد الطلاب بإمكانية الوصول إلى خدمات الاستشارات والعلاج النفسي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمدارس توفير الموارد التي تساعد الطلاب على تكوين علاقات إيجابية مع الأشخاص المهمين بالنسبة لهم. يمكن أن تشمل هذه الموارد مجموعات الدعم للأشخاص المصابين بمرض عقلي أو برامج اليقظة أو دورات التنمية الشخصية التي تركز على الصحة العقلية.
تلعب المدارس دورًا مهمًا في تعزيز الصحة العقلية للطلاب ورفاهيتهم. من خلال تزويد الطلاب بالموارد التي يحتاجون إليها، يمكن للمدارس المساعدة في حماية ودعم الصحة العقلية لأي شخص طوال حياته. العلاقة بين الصحة النفسية والتحصيل الأكاديمي معروفة جيدًا في المجتمع العلمي. تم ربط الصحة العقلية السيئة بانخفاض الكفاءة الذاتية الأكاديمية وضعف التقدم في الدراسة، وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى تسرب الطالب من المدرسة.
لسوء الحظ، فإن الآليات التي تقوم عليها هذه العلاقة معقدة وغير مفهومة تمامًا. ومع ذلك، تشير نتائج دراسة حديثة إلى أن معدلات تسرب طلاب الهندسة المدنية من مدرسة خاصة مرتبطة بصحة عقلية سيئة. يشير هذا إلى أن معالجة مشاكل الصحة العقلية لدى المراهقين قد يكون لها تأثير كبير على تحصيلهم الأكاديمي في المستقبل.
لا شك أن الصحة النفسية وعلاقتها بالتحصيل الدراسي من الأمور الأساسية التي ينبغي أن تحتل اهتماماً كبيراً من القائمين على التعليم؛ لأنها تؤثر بشكل كبير على المسار التعليمي والوظيفي للطلاب، كما أنها تجعل المجتمع يفقد أفراداً من المحتمل أن يكونوا منتجين لو لم يعانوا من ضغوط ومشكلات نفسية دفعتهم إلى التعثر الدراسي. ومن المعروف أن الضغط النفسي يتسبب في حدوث حالة من القلق والتوتر، وهذا يؤثر سلباً على تركيز الطالب واستيعابه ويتسبب في إخفاقه الدراسي. ولهذا يجب الوقوف على أسباب تلك الضغوط النفسية والتعرف على طرق لعلاجها