دفعت الأزمات المتكررة لارتفاع أسعار الغذاء خلال العقدين الماضيين وأيضا ارتباط ارتفاع أسعار الغذاء بأسعار البترول والتى تعتمد عليه فى إنتاج الأسمدة والمبيدات ومنظمات النمو ورفع مياه الآبار والتسويق والحفظ والتبريد والتصنيع، جميع دول العالم سواء كثيفة السكان أو دول الشح المائى للتفكير فى تأمين غذائها حاضرا ومستقبلا. تعتبر دولة الصين هى الرائدة فى الزراعة خارج أراضيها نتيجة للكثافة السكانية العالية بها، حيث أستأجرت مساحات شاسعة فى الفلبين ومدغشقر والعديد من الدول الآسيوية والإفريقية وتلتها دول كثيرة لتأمين احتياجات شعوبها من الغذاء حتى أطلقت الأمم المتحدة استنكارا وتساءلت هل هو استثمار زراعى أم احتلال اقتصادى واستغلال لموارد الوفرة فى الدول الإفريقية والآسيوية تحت زعم الاستثمار؟!.
لزراعتها لحسابها وتوفير الأمن الغذائى لشعوبها بعيدا عن مضاربات بورصات الغذاء وتكرار دورات أزمات ارتفاع أسعارها وهو ما يضاعف نفقات إستيراد الغذاء، والبالغة 60% من احتياجات الدول العربية وعادة ما تخسر فيها مابين 1-2% من ناتجها المحلى مع كل أزمة ارتفاع لأسعار الغذاء وتتسبب فى ارتفاع أسعار الغذاء لمواطنيها وتراجع قيمة عملاتها المحلية.
كندا وروسيا ورومانيا والمجر وأوكرانيا، بعكس زراعتها فى السودان أو العراق أو موريتانيا فسيكون من الصعب تصدير هذا الغذاء من بلد تحتاجه وسينظرون إلينا إلى كوننا نأخذ طعام الجوعى لحسابنا كدول مستغلة، وهنا تنص توصيات البنك الدولى بأنه لا يصح الاستثمار فى بلدان الفقر الغذائى إلا لصالح الفقراء منهم، أى أن يباع المحصول فى هذه الدول، ولهذا السبب أستثمرت الدول الغربية فى زراعة حاصلات الوقود الحيوى فى إفريقيا وآسيا حيث لن تطالب حكومات وشعوب هذه الدول بحصص منها ولا هى تمتلك تقنيات إنتاج الوقود الحيوى من هذه الحاصلات. وفى الدول التى تفضل الاستثمار الزراعى فى الخارج عن طريق القطاع الخاص فإن المستثمر يطلب من حكومته بضمانات وتأمين لهذا الاستثمار من أجل الذهاب لدولة بعينها من أجل أمور سياسية أو تحسين علاقات وخلافة، ولكن الحكومات تخشى من تأمين هذا الاستثمار خشية أن يستغله المستثمر بشكل غير قانونى لصالحه ويدعى اعتداءات أو تدمير لزراعاته أو سرقة للآلات على غير الحقيقة، كما أن القطاع الخاص يرفض الاستثمار فى الخارج دون ضمانات وتأمين على أمواله من حكومته ومن حكومة الدولة المضيفة.
إذن هناك مميزات ومخاطر للاستثمار فى الخارج والداخل، وعلى الدول المختلفة الاختيار بدقة قبل قرار الزراعة فى أراضى الغير أو الشراء من البورصات العالمية وتحمل تقلبات الأسعار.