وفى ظل حالة من عدم اليقين التى تكتنف الاقتصاد العالمي، وما نتج عنها من فجوات اجتماعية واقتصادية آخذة فى الاتساع جراء الآثار الهائلة التى خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية والتى لا يعلم أحد متى ستنتهي، وما سبقها من تداعيات أزمة جائحة كورونا، تزداد أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة لكافة المواطنين على حد سواء لا سيما وأن معدلات الفقر والبطالة شهدت ارتفاعا كبيرا، الأمر الذى أوجب ضرورة تكاتف الشعوب والحكومات ومؤسسات المجتمع المدنى لتوفير آليات الحماية من مخاطر الحياة، ومساندة شرائح المجتمع المهمشة وتحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجا.
الجدير بالذكر أنه وفقا للقانون، للفرد الفقير والأسرة الفقيرة الحق في الحصول على مساعدات الضمان الاجتماعي وفقًا لأحكام هذا القانون، ويتم تحديد حالة الفقر للفرد والأسرة بالبحث الاجتماعي الميداني المعتمد على مؤشرات الاستهداف التي تشمل: الدخل، والتعليم، وعدد الأفراد، والعمل، وحالة السكن، والحالة الصحية وعلى الأخص للعاجز والمعاق، والحالة الاجتماعية وعلى الأخص لليتيم والأرملة والمطلقة، وأي مؤشرات أو معايير أخرى لقياس فقر الأفراد والأسرة المستهدفة في الريف أو الحضر يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
إن الأوطان تتمايز وتختلف على الصعيد الواقعي وتتنوع بناها الفكرية ووعيها لذاتها ومشروعها التنموي، من جراء اختلاف وتباين مقتضيات الجغرافيا والتاريخ والعقيدة ومنظومات السلوك وما شابه، وهي العناصر أو العوامل التي تسهم بشكل مباشر في تحديد طبيعة المنظومة الوطنية، سواء في أهدافها وخياراتها أو على مستوى الإدارة وتسيير شئونها الداخلية. فلكل وطن خصوصية اعتبارية وكيانية نابعة من طبيعة تأثير هذه العوامل في تبني الخيارات الوطنية التي تناسب مستويات التحديات المختلفة التي تجابه الأوطان على مدى تاريخها.
من هنا، فإن الوطن المتقدم، وفقًا لهذا المفهوم، هو الذي يحتضن بوعي وحكمة الأبعاد المادية والأبعاد القيمية والمعنوية، وهو ضرورة إنسانية وحضارية. لذا، نجد أن جين الانتماء الوطني قائم أو مغروس في نفوس شعبه، بما يجعله دائمًا مدافعًا شرسًا عنه وقتما تشتد به الأزمات، في إطار يحمل كل صفات القوة والعزة والكرامة، تلك التي تعنى الحروب الحديثة بتدميرها في نفوس وعقول المواطنين المستهدفين. فالانتماء للوطن هو حاجة جوهرية وضرورية في حياة الإنسان، ويسهم في إشباع الوجدان الإنساني، ويسهم كذلك في بلورة بعض شروط ومتطلبات التقدم. فالوطن لا يكتمل معناه إلا بالمواطن الذي يعمل على تعميق وجوده وتجربته الإنسانية.
لذلك، فإن الوطن هو عبارة عن ذلك الكيان الذي يشمل الأرض التي نقيم عليها، وتمنحنا من خيراتها وإنتاجها، والمواطنين الذين يعيشون عليها، والآفاق التي يحلمون بها من خلال تفاعلهم مع أرضهم. والأوطان دائمًا تبنى عبر الإرادة الإنسانية التي تعمل على توليف هذه العناصر، وإيجاد التفاعل الضروري معها. فالمجموعات البشرية، التي تشترك مع بعضها في الجوامع المشتركة، هي التي تعمل على صياغة مفهومها لوطنها. ومن خلال فعلها المتواصل في مختلف المجالات، تتشكل معالم الوطن الفعلية.
على ضوء هذا، فإن جميع الأمم والشعوب بحاجة باستمرار إلى برامج عمل وحقائق مجتمعية، تسهم في تطوير مفهوم الانتماء الوطني، من أجل أن يأخذ هذا المفهوم أبعاده الكاملة والعميقة.
الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والقوة الشرائية للمواطن. تطويـــر آليـــات تقديـــم الدعـــم الحكومـــي لمســـتحقيه مـــن المواطنيـــن بمـــا يلبـــي احتياجاتهـــم الأساسية ويوفـــر لهـــم حقهـــم الكامـــل فـــي الحيـــاة الكريمـــة. تطوير المساعدات الاجتماعيات المقدمة للمواطنين بما في ذلك علاوة الغلاء. تطوير الخدمات الاجتماعية المقدمة للطفل والأسرة والمسنين وذوي الإعاقة )ذوي الهمم(. توفير خدمات إسكانية الئفقة وملائمة ومتميزة للمواطنين. دعم المواطنين في الجامعات والمعاهد الحكومية. زيادة كفاءة دعم الكهرباء والماء بتوجيهه إلى مستحقيه. وضع خطط عاجلة تساهم في استقرار أسعار السلع وتوفرها
تُعد العدالة مطلبا أساسيا للإنسان فى كل زمان ومكان، كما تعتبر الفضيلة الأولى للإنسان وللمجتمعات التى يعيش فيها ..فإذا تحققت العدالة تزدهر الفضائل الأخرى كالسعادة والمساواة والرضا وحب الخير والسلام.
وتجدر الإشارة إلى أن بداية استخدام مصطلح ” العدالة الاجتماعية ” يعود إلى الثورة الفرنسية ، حيث أكدت باريس على حقوق الأشخاص فى التمتع بهذه العدالة وضرورة تقسيم الثروة مع التخلص من الحكم الإقطاعى ، ثم استمر هذا التعبير مع وضع عدد من التعريفات له اختلفت باختلاف الحقب الزمنية خلال الثورة الصناعية فى أوروبا فى القرن الثامن عشر مع معاناة طبقة العمال من قسوة النظام الرأسمالى.
ومع تطور المجتمعات البشرية، تبلور مفهوم العدالة الاجتماعية، وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى اُعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948 حيث أرسى المبادىء الإنسانية للعدالة الاجتماعية فى مادته الأولى والثانية، وقامت منظمة العمل الدولية بصياغة دستورها الذى وضعت فى مقدمته أنه ” لا يمكن تحقيق السلام إلا إذا كان قائما على العدالة الاجتماعية “، ثم ظهر هذا المصطلح بعد ذلك فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن الأمم المتحدة فى ديسمبر 1966 ودخل حيز التنفيذ فى عام 1976، لتصبح فكرة العدالة الاجتماعية هى الفكرة التى يتبناها أى مجتمع يسعى لتحقيق التقدم والتنمية وتوفير حياة كريمة لأفراده يسودها الأمن والسلام.
ويؤكد عدد من علماء الاجتماع على أن مفهوم العدالة الاجتماعية يعنى إيجاد منظومة فكرية، ومنهج أخلاقي، وأحكام تشريعية، تضمن لجميع الأشخاص المساواة التامة أمام القانون والحصول على جميع الحقوق، فيما يرى علماء آخرون أن العدالة الاجتماعية هى استحقاق أساسى للإنسان نابع من كونه له الحق في التمتع بمجموعة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية باعتبارها حقوقا أساسية من حقوق الإنسان وجزءا لا يتجزأ منها.
تناولت الدساتير المصرية المتعاقبة موضوع العدالة الاجتماعية ونصت عليها بطريقة أو بأخرى ابتداء من دستور 1923 وحتى دستور 2014، إلا أن الأخير جاءت نصوصه لتُسلط الضوء على مفهوم العدالة الاجتماعية بشكل غير مسبوق، وتفرض الإلزام الصريح على الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وحقهم فى التعليم والصحة والمساواة فى الحقوق والواجبات وذلك على النحو التالي:
-تنص المادة 8 من الدستور على أنه “يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي ،وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، علي النحو الذي ينظمه القانون”.
-تنص المادة 9 على أنه ” تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”، والمادة 11 على أنه ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا”.
– ينص الدستور فى المادة 13 على أنه “تلتزم الدولة بالحفاظ علي حقوق العمال”. وفى المادة 17 على أنه ” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة”.
– فيما يتعلق بتوفير الرعاية الصحية ، ينص الدستور فى المادة 18 على أنه ” لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل” – كذلك حرص الدستور على ضمان حق كل المصريين فى التعليم فينص فى المادة 19 على أن “التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية”.
– كما نص الدستور فى المادة 29 على أن ” تلتزم الدولة بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعي والحيواني، وتشجيع الصناعات التي تقوم عليهما”.
-وينص الدستور فى المادة 30 على أن ” تلتزم الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين، وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية”.
-كما قرر الدستور فيما يتعلق بحق السكن فى المادة 78 أن “تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والأمن الصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية، كما تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة”.