طلب صداقتي على ال(فيس بوك) فاطلعت على صفحته الشخصية لكي اعرف من يكون أولا ..فوجدته قد كتب إنه ناقد .فقلت لابأس فهو من (جماعة ربعنا) وعذرا من اصدقائي العرب الذين يقرأون المقال فمصطلح (جماعة ربعنا) هو عراقي بحت ومعناه اننا(نشترك في الإهتمامات)
المهم ناقد او شاعر او قاص او روائي او طبيب او شخص باختصاص آخر لكنه محب للقراءة .كلهم مرحب بهم في قائمة الأصدقاء لأن صفحتي أدبية تختص بالقصص والمقالات في كافة المجالات.
وهكذا ضغطت على زر قبول الصداقة وبعدها بثانية واحدة وجدت رسالة منه على ال(مسنجر ) يطلب مني فيها عنوان عملي لكي يزورني ويحصل على كتابي الوحيد فيكتب عني ويحاورني ويظهرني للجماهير العريضة وللوسط الأدبي الذي غفل عني وعن قدراتي ال(الخارقة) .
يبدو أنه لم يطلع على صورة الغلاف التي تحمل أربعة كتب لي .فقلت له ياسيدي هي أربعة كتب حاليا وليس واحد ورغم أنني لا أحب الحوارات لكن اهلا بك وسأهديك نسخ من كتبي.فلم يضيع وقتا ووجدته منذ الصباح الباكر يزورني في مقر عملي.
وقد كان مظهره فعلا يناسب القوانين الأدبية التي يعتقد بها بعض الأدباء.
فقد صفف شعره بطريقة تعود لزمن نابليون بونابارت . عفوا ..بل أنها تعود للسبعينيات وتشبه ألى حد كبير تسريحة شعر (حميد منصور) مع تحياتي للفنان الجميل حميد منصور.
ثم إنه قد مد يده لمصافحتي وهذا يعني أنه(ليبرالي متحرر ويحترم فكر النساء) ولن تشوبه فايروسات معدية أو شهوة رجولية عارمة من مجرد لمس يد أمراة ..وهذا جيد. في رأيي الشخصي طبعا.
وحين جلس أهديته كتبي .فقال أريد ان أعمل معك حوارا أدبيا كي تعرفك الجماهير العريضة ويعرفك الأدباء .
ربما تصورني أمرأة مسكينة فرحة بكتابها الأول وتحلق مهللة إن حاورها ناقد .
فتفاجأ وأكفهر وجهه حين قلت له..ياسيدي العزيز أنا من أصحاب نظرية (موت المؤلف) .ولا ارى أن من المنطقي والصحيح أن يتحدث الكاتب عن نفسه وعن أفكاره وطريقته السردية ولأي مدرسة أدبية ينتمي فهذا مجرد هواء في شبك ..وعليك ان تقرأ كتبي كي تعرف من انا وماأحمل من أفكار وماهي طريقتي السردية.
اما بالنسبة للجماهير فأنا لي قراء كثر ومن الشباب خاصة وقد وصلتهم كتبي واما عن الوسط الأدبي الذي تريد تقديمي له فلدي أصدقاء كثر فيه.
فانتفض الرجل وقال لي لكن هذا هروب!
فضحكت ملئ فمي وقلت ومن يستحق أن اهرب منه ياعزيزي .فلو أردت الحديث عن نفسي لن أتوقف حتى المساء .
لكن لايهم من هي (تهاني الكاتبة) .ولو أردت كشف حقيقتي عليك بقراءة كتبي ففيها حقيقتي.
حمل الكتب وودعني وخرج وهو ممتعض.
وما ان حل المساء حتى وجدت منه رسالة على المسنجر يقول فيها.
أرى إنك لاتحبين الحوارات لذا أكتبي لي أربعة أسطر عن كل منجز من منجزاتك الأربعة كي اكتب عنك مقالا نقديا ليتعرف عليك الناس.
أربعة أسطر …واعجبي.
يبدو أن الناقد والمثقف صاحب التسريحة السبعينية كسول في القراءة .
فاحببت مساعدته وعدم تضييع وقته الثمين ورشحت له رواية(انتحار تكتيكي) لقراءتها فمنها يتمكن من تحديد اتجاهي الأدبي ومن أكون.
فقال ارجوك اكتبي لي اربعة اسطر افضل عن كل كتاب !!!
المهم حدث وإن انشغلت عن الرد عليه لمدة يوم واحد فقط.
وعند فراغي فتحت رسالته لأقرا مايريد فوجدت حظرا!!
نعم كما أخبركم لقد حظرني.
المثقف العزيز لم يحتمل انشغالي لمدة يوم واعتبرها اهانة ادبية له ويبدو أنه وجدني لاأصلح كمقال ادبي يتفيقه به على زملائه .
فقد كان يتصور أنه وجد امرأة بائسة سينبت لها جناحان فوق ظهرها تحلق بهما في سماء صافية إن حاورها أحد النقاد وستشعر بالزهو كونها محل اهتمام الوسط الادبي.
ياله من مسكين هذا ال ( حميد منصور التسريحة) فهو قد صدم بي ومن كوني غير محبة للحوارات وللشاشات وللظهور الاعلامي المتلفز والمكتوب.
وكل مايهمني هو تأليف كتاب يحمل أفكاري المتشعبة .يبقى على الرفوف في المكتبات والمنازل .وقد تمر عليه مائة عام ثم يقع بالمصادفة بين يدي احدهم فيقرا ماكتبت .وهكذا تبقى أفكاري حية تتناسل من جيل الى جيل.
تمس قلب عاشق هنا ..وتداوي جرح مظلوم هناك..ويجد فيها احدهم ما يحتدم في قلبه ولم يتمكن من وصفه او التعبير عنه.
فتواسيه كلماتي ويجد من كتابي صديقا مؤنسا له.
نعم ياسادتي انها نظرية (موت المؤلف) لايهم من نحن شخصيا بل المهم ماذا كتبنا في كتبنا التي ستبقى خالدة بعد موتنا إلا إذا حدث فيضان أو غزو مغولي آخر فأحرق المكتبات جميعها.
يقول برناردشو (كل يبحث عما ينقصه) ويبدو إن ماينقص صاحبنا هذا هو الأدب بعينه .
وتحيات معطرة لفناننا حميد منصور
ويم داركم ..صدفة واخذني الدرب من يم داركم..والتمت بروحي المحنة واشتهيت اخباركم.