هى تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه،فجأة وبدون ترتيب منى اكتشفت أن غالبية قرائى الكرام هم نوعان كلاهما ممن ينتمى للبراءة،إما من فئة الأطفال صغار السن ومن هم دون الخامسة عشرةأو هؤلاء الكبار فى السن ممن تزيد أعمارهم على الستين ويلامس أغلبهم السبعين والثمانين، والذين أرفض تسميتهم بكبار السن ،حتى وإن كانت حقيقية من الناحية البيولوجية لكنها غير ذلك من الناحية العملية،بل وأراها فيها ظلم كبير. ليس هذا تحيزاً منى حيث انضممت لهذه الفئة ولكنها الحقيقة من وجهة نظرى فهو سن الحكمة والنضوج فعلاً وليس قولاً.
فى نيتى ،مابقى هذا المقال وبقى صاحبه ،أن يكون لهؤلاء كل فترة نصيب فى هذا المكان الذى طالما شجعوا صاحبه وكان لهم بعد الله سبحانه وتعالي،والأطفال ممن أشرت إليهم، فضل الإستمرار فى الكتابة حيث طالما كانوا هم المداد الحقيقى الذى يستمد منه كاتب هذه السطور أفكاره وكلماته.
هذه ليست عبارات كاتب محترف يريد أن يحتفظ بقرائه الأعزاء لكنها الحقيقة المجردة والله على ما أقول شهيد،ولعلى لا أذيع سراً أننى كلما تلقيت من هؤلاء الفئتين كلمات الإعجاب أو المديح أجد نفسى أندهش حيث لا أجد فيما أكتب ما يستحق،لذا سأظل مديناً لكل من أرسل لى بكلمة تشجيع ولو حتى من باب المجاملة وجبر الخاطر.
من هذه النماذج العجيبة التى أحاطتنى برعايتها ودعائها الدائم السيدة الجليلة منى فتحى احمد من قاطنات دار الحكماء وليس دار المسنين فى القنطرة غرب بالإسماعيلية.الحاجة منى أو ماما منى لم ألتق بمثيل لها فى متابعة هذه المقالات وحرصها الدائم على المتابعة والتعليق.ليست وحدها بل كان يشاركها فى ذلك ومنذ سنوات طويلة حفيداتها الصغار.
أسعدتنى منذ أيام برسالة تقول فيها:صباح الخير والسرور ومحبة الرسول ياولدى، قراؤك اللى كان عمرهم خمس سنوات، وكانوا من متابعينك وكنت أقرأ عليهن عمودك وكتاباتك كبروا الآن،الأولى تانية كلية شريعة،والثانية قبلت فى كليه طب الأزهر هذا العام،أنا فرحانه اوى وحبيت أفرحك معايا ياولدى.
يعلم الله مدى سعادتى بتلك الرسالة من هذه السيدة العظيمة التى تضرب مثالاً حياً فى كيف أن يكون الانسان طاقة إيجابية لنفسه ولمن حوله حيث نجحت فى تحويل الدار التى تقيم فيها إلى كتلة من النشاط والحيوية.فهى تقرأ الصحف والمجلات لمن لا تجيد القراءة من رفيقاتها وتنظم لهن حفلات السمر وتدعو المحافظ وكبار المسئولين ليحضروا أنشطتها، وتؤلف الشعر وتكتب الخواطر التى تعبر بها عن قريناتها ممن يسكن معها فى نفس الدار،وكثيرا ما تحرص على الاتصال بى على تليفون المكتب ومن خلال السويتش لتقرأ لى ما تكتبه وما أن تنتهى حتى أسمع تصفيق قريناتها اللائى يشاركنها الاتصال.
قالت لى الحاجة مني:عندما رأيت عقوق الوالدين وتلك الحكايات التى حطمت قلوب صديقاتى المسنات شعرت أن من واجبى أن أفعل شيئا لتذكير الأبناء بأحن الناس عليهم لعلهم يلينوا أو يرفقوا بهم.
وظفت الحاجة منى فتحى موهبتها لتخط بها كلمات بسيطة لكنها عميقة لعلها تكون سببا ولو مؤقتا فى يقظة ضمير شاب تجاه والديه.ورغم أنها هى شخصيا لا تعانى والحمدلله من جحود أبنائها الذين لا ينقطعون عن زيارتها وبرها، إلا أنها عبرت عن حالة كثير من نزلاء مثل هذه الدور. تقول فى كلماتها:هات إيدك يابنى وإسندنى.حسسنى بقربك حسسنى.. وأوعى فى يوم تبعدنى. هات ايدك يابنى وإسندنى.. أحضنى وقول يامايا..وأنا أضمك وأقول ياضنايا…
ده دعايا يابنى هيفيدك..ويكتر فى الخير ويزيدك..بس أوعى تخلف مواعيدك..وتسبنى وحيدة منسيه..وهات إيدك يابنى وإسندنى. شكراً ماما الحاجة منى فتحى (أم المصريين كما تحب أن ينادونها) .