طرقت بابا كان على شرفة الإنتظار
هتف صوت قادم من تثاءب المساء… أنني وحدي من يعلن الصوت إذا خرج من الفراغ… من دائرة الإنكسار.
وحدي من يعلن حروفي حين تنفصل عن الخوف…عن كل الأجرام التي كانت تدور على عتبات الصبح…تعلم أنه امتداد لي… هو الباب الذي أعبر فيه من أحلامي للحياة… أخفض صوت الراديو والتلفاز…كلها ذكريات مؤلمة…
لقد كان صوتي أقوى…!
لم أكن أتصور ذلك… كيف جاءت الكلمات من جوف اليل…؟
كيف غافلت تثاءب الهالات السود التي ينشرها المساء…؟
كيف صرت قوية بعد الصمت والرتابة والفراغ…؟
كم عدوت إلى الخلف…أبحث عن ظلي الذي تاه بين الصفاء والضباب… من أين تنبت أعشاب الطريق…أريد أن أتأمل قطرات الندى عليها حتى يعود لي الصباح.
عدت إلى قلمي أسجل فيه للمرة الألف انصياعي الذي لا أبرره لنفس النفق…
ثم يعود ذلك الصوت بدفء القصائد من وراء المدينة… هناك في الدروب المتصاعدة المتوارية…
أنا من فتحت فيها مسافات وزينت آفاقها…أنا من صممت
لأغلق على الأحجار… ثقوب الوديان…
حينها ارتوت ذاكرتي من عشب الطريق برائحة الصباح…!