يُلزم القانون الدولي المتعلق بمسؤولية الدول إسرائيل بوقف الأفعال غير المشروعة دولياً وتقديم “التأكيدات والضمانات المناسبة بعدم التكرار”. أن عملية التهجير التي تطاول مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه تصنف كجريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وملحقها لعام 1977. أن بعض سياسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية المفضية إلى استمرار الاحتلال والضم بحكم الأمر الواقع قد تشكّل عناصر من جرائم بموجب القانون الجنائي الدولي، بما في ذلك جريمة الحرب المتمثّلة بنقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، جزء من سكّانها المدنيين إلى أراضٍ تحتلّها، والجريمة ضد الإنسانية المتمثّلة بالترحيل أو النقل القسري.
ومن الجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية رأت أن جنوب أفريقيا ملزَمة “بسحب إدارتها من إقليم ناميبيا”، وبالمثل، شجعت في تشاغوس على إنهاء الإدارة البريطانية لأرخبيل تشاغوس “في أسرع وقت ممكن”. أما قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالصراع العربي- الإسرائيلي والتي تخالفها إسرائيل فتبدأ من قرارات مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973) و497 (1981) و1515 (2003) و2334 (2016)، وتنص في مجملها على إنهاء احتلال إسرائيل لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة وفق قرار الجمعية العامة الأمم المتحدة رقم 1994 لعام 1948.
بالنسبة لفلسطين، فإن الرد المناسب يمكن أن يتخذ شكل إطلاق سراح السجناء السياسيين الفلسطينيين؛ إعادة الممتلكات، بما في ذلك الممتلكات الثقافية التي استولت عليها سلطات الاحتلال؛ وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية؛ رفع الحصار عن قطاع غزة؛ وتفكيك نظام الفصل العنصري المؤسسي القائم على القوانين والسياسات والممارسات التمييزية؛ وتفكيك إدارة الاحتلال. ونظرًا لعدم تنفيذ إسرائيل للفتوى السابقة بشأن بناء جدار الضم، فإن التأكيدات والضمانات بعدم التكرار قد لا تكون علاجًا كافيًا.
وقد يكون من الضروري أيضًا إنشاء لجنة تحكيم محايدة للنظر في المطالبات الجماعية الناشئة عن عواقب الانتهاكات التي ترتكبها سلطة الاحتلال.
والجدير بالذكر أن دراسة أجراها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عام 2019 خلصت إلى أن التكلفة المالية التراكمية التي يتحملها الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة 2000-2019 تقدر بنحو 58 مليار دولار أمريكي. وفي قطاع غزة، قدرت التكاليف الاقتصادية للاحتلال في الفترة 2007-2018 بنحو 16.7 مليار دولار.
إن استغلال الموارد الطبيعية ومنع تطويرها كلّف الاقتصاد الفلسطيني 7.162 مليار دولار أمريكي على مدى 18 عامًا من عائدات الغاز من بحر غزة و67.9 مليار دولار أمريكي من عائدات النفط من حقل مجد النفطي في رَنْتِيس.
وإجمالاً، تقدر الخسائر التي تكبدتها فلسطين منذ عام 1948، بأكثر من 300 مليار دولار.
ترسي القوانين التي تحكم الاحتلال الحربي عددًا من المبادئ المهمة، بما في ذلك طابع الاحتلال، مؤقتًا كان أو فعليًا بحكم الأمر الواقع، كما ورد في المادة 42 من لوائح لاهاي (1907) التي تنص على أن “الأرض تُعتبَر محتلة عندما توضع فعليًا تحت سلطة الجيش المعادي”. وبالتالي، على الرغم من أن السلطة الحكومية قد تكون “معطلة مؤقتًا أو مقيدة إقليميًا” أثناء الاحتلال الحربي، فإن “الدولة تظل نفس الشخص الدولي”.
ومن ثم، فإن قوة الاحتلال لا تكتسب السيادة على الأراضي المحتلة، بل إنها ملزمة بإدارة الأراضي مع الموازنة بين المصالح الفضلى للسكان الخاضعين للاحتلال ومصالح الضرورة العسكرية، بموجب مبدأ المحافظة الذي يفرض قيوداً.
نسلط الضوء على مواقف السلطات الرائدة في القانون الدولي التي تعتبر أن ممارسة “الاحتلال المطول” ارتبطت باحتلالات لا تزيد مدتها عن أربع أو خمس سنوات، مثل احتلال ألمانيا لبلجيكا لمدة أربع سنوات خلال الحرب العالمية الأولى، أو احتلال ألمانيا للنرويج لمدة خمس سنوات خلال الحرب العالمية الثانية.
ويشير المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة مايكل لينك إلى أن الاحتلالات الحديثة المتوافقة مع مبادئ قانون الاحتلال “لم تتجاوز 10 سنوات، بما في ذلك الاحتلال الأمريكي لليابان، واحتلال الحلفاء لألمانيا الغربية، واحتلال العراق الذي قادته أمريكا.
وخلال هذه الحرب تقدمت نحو مئة منظمة من المجتمع المدني ونحو 300 محام في فرنسا إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بملف يطالب بفتح تحقيق في شأن “إبادة جماعية” في قطاع غزة خلال الحرب بين إسرائيل و”حماس” منذ السابع من أكتوبر الماضي. وطالب موقعو البيان بالنظر في الرد الإسرائيلي على عملية حركة “حماس” من زاوية جريمة إبادة جماعية المنصوص عليها في نظام روما الأساسي الذي أنشئت المحكمة الجنائية الدولية بناء عليه.
وأن اعتبار الاحتلال الحربي غير شرعي لا يقتصر على إسرائيل. على سبيل المثال، رأت محكمة العدل الدولية في القضية المتعلقة بالأنشطة المسلحة على أراضي الكونغو (2005)، أن احتلال أوغندا لإيتوري “ينتهك مبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية ومبدأ عدم التدخل”. تلزم اتفاقيات جنيف لعام 1949، إلى جانب اتفاقيات أخرى، وفقاً لخبراء في القانون الدولي جميع الدول والمنظمات المسلحة أيضاً، هذا عدا عن أن مجموعة القوانين المكونة للقانون الإنساني الدولي، تنطوي أيضاً على القوانين التي تحكم سلطة دولة تحتل دولة أخرى، وتنص هذه القوانين على أن دولة الاحتلال، لا تكتسب السيادة على الأراضي المحتلة، وأن سلطة الاحتلال يجب أن تعامل السكان بشكل إنساني، وأن توفر لهم الحاجات الغذائية والرعاية الطبية.
وفي الوقت نفسه، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “”الاحتلال العراقي غير الشرعي” للكويت، والإدارة غير المشروعة” لجنوب أفريقيا في ناميبيا. وفي غضون ذلك، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الثالثة إلى “عدم الاعتراف بشرعية الوضع الناتج عن احتلال أراضي جمهورية أذربيجان” وأدانت البرتغال “لإدامة احتلالها غير الشرعي” لغينيا بيساو.
وعلى نحو مماثل، أدانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “استمرار احتلال فيتنام غير الشرعي لكمبوتشيا. وفي عام 1977، أعربت الجمعية العامة عن قلقها العميق “لكَون الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 لا تزال، لأكثر من عشر سنوات، تحت الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، ولأن الشعب الفلسطيني، بعد ثلاثة عقود، لا يزال محروماً من ممارسة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف”. وبالمثل، تشير ديباجات القرارات المتعاقبة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة إلى “التأثير الشديد للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي المستمر بجميع مظاهره”.
اقترن اسم إسرائيل بالممارسات غير القانونية والانتهاكات الجسيمة للشرعية الدولية، مما جعل النزاع على الأراضي الفلسطينية يحظى باهتمام دولي بالغ نظرا لما يحمله من بعد أمني و سياسي في المجتمع الدولي. ويعد الاستيطان محرك هذا الصراع؛ إذ اتخذته إسرائيل كآلية لتحقيق وجودها وتثبيته. من هذا المنطلق ، هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على الممارسات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في إطار تنفيذ سياستها الاستيطانية؛ من خلال بيان مختلف التوجهات التي اعتمدتها إسرائيل سبيلا لتحقيق ذلك، ودراسة الإطار القانوني للاستيطان الإسرائيلي؛ وذلك بتوضيح مدى انطباق الأحكام القانونية الدولية عليه
التأثير الضار على الأطفال خصوصًا الذين يشهدون على الوجود العسكري المستمر والاعتقال والاحتجاز والهجمات المتكرّرة وأعمال العنف والقيود على الحركة وهدم المنازل وتدمير البنى التحتية والممتلكات. وشدّدت لجنة التحقيق على أن الآثار التراكمية لممارسات الاحتلال، بما في ذلك القيود على الحركة، كان لها تأثير تمييزي واسع النطاق على الفلسطينيات، مشيرةً إلى أنّهن يخضعن للعنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهن اليومية.