بعد الفوز الكبير والنتائج المبهرة لانتخابات الرئاسة.. وفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بفترة ثالثة . مصر والمصريون يقفون الان على أعتاب مرحلة مهمة وتاريخية .. مرحلة مفصلية وحساسة للغاية نظرا للظروف الدولية الضاغطة والتحديات المتصاعدة إقليميا ودوليا ومصر فيها مركز وعين الحدث..
واذا كانت الدولة المصرية قد نجحت في بناء قواعد صد قوية استهدفت حقيقة وجودها ودورها الذي يجب أن يكون وقاومت بشراسة أعداء الداخل والخارج .. فإن المعركة القادمة من أجل الاستمرار في التنمية واستكمال خطوات البناء والإصلاح الضروري لن تقل ضراورة وتحتاج إلى كل جهد وفكر بناء يدفع المسيرة إلى الامام .. تحتاج إلى أن ينفض الجميع غبار السلبية ويعلن المشاركة بقوة في استكمال عملية الإصلاح الشاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ..
أتصور أن كل القوى الوطنية لا تحتاج إلى دعوة للمشاركة بل يجب أن يبادر الجميع إلى اقتحام ساحات التحدي بفكر جديد ورؤى مستحدثة قادرة على استنهاض كل الهمم المصرية الوطنية لإعادة عجلة الإنتاج إلى الدوران الحقيقي في كل المجالات.. ليتصدر الاقتصاد المصري مكانته الحقيقية بعد أن يكون قد استوعب دروس الأزمات الحادة سواء عالميا اوتداعياتها المحلية ..
مصر قوة جبارة على كافة الأصعدة لا يمكن إنكارها أو التقليل منها..آن الأوان أن تستنفر بكل قوة وتستفيد بكل ما حباها الله من ثروات ليس فقط من موارد اقتصادية طبيعية ولكن بما تملكه من قدرات إبداعية خلاقة قادرة على الإنطلاق والصمود في وجه أعتى العواصف والتحديات.. وهي سمة غالبة ومميزة المصري يدركها العالم أجمع خاصة عندما تتاح الفرصة والإمكانات المناسبة..
معركة الأمن واستقرار الدولة شغلت حيزا كبيرا مهما في الفترة السابقة وكان لابد منه ولعبت الأزمات العالمية أدوارا وتركت تأثيرات مباشرة على مجريات الأمور لامست العصب الحي في بعض الأحيان وشعر الناس بوجع حقيقي لم يستطع أحد اخفاؤه رغم الجهود والمحاولات للتخفيف من آثاره وتجاوزه..
لذلك فإن العمل الوطني في مرحلة ما بعد الانتخابات الأخيرة يحتاج إلى قفزات وقفزات وأتصور أن الجميع مستعد لذلك ويجب أن يتم تحفيز كل القوى النشطة والكامنة وغيرها خاصة تلك التي تحتاج إلى تعديل مسارات وضبط زوايا .. الامر يحتاج إلى رسم خريطة أو خرائط واضحة المعالم محددة الأهداف وفقاً للقدرات والإمكانات الحقيقية والمتاحة في مختلف المجالات..ومعها طرق وآليات العمل والتنفيذ مقرونة بآليات المتابعة الدقيقة والمحاسبة ايضا وتقييم مستمر لما يتم على طريق تحقيق الإنجازات..
لدينا العديد من الجهات المؤثرة والفاعلة سواء على المستوى الفكري النظري أو المستوى العملي التطبيقي بعضها كان في مرحلة كمون أو كانت تحركاتها خجلى أو على استحياء لم يكن قادتها على قدر التحدي وخوض غمار معارك حقيقية من أجل البناء والاستمرار كانت قدرتها على الاستجابة للتعطيل والمثبطات اقوى من القدرة على الدفع إلى الامام واختراق الحواجز والقفز على العقبات وتجاوزها ..إعادة الحياة إلى هذه المؤسسات لم يعد مهما فقط بل أصبح ضرورة حياة وطنية ايضا..
الاهداف واضحة تماما ولا يمكن أن يختلف عليها اثنان أو يتناطح فيها عنزان..الخروج من عنق الزجاجة مهما كان طويلا والتوجه نحو مستقبل أفضل أكثر اشراقا ومحققا للسعادة أو على الأقل يخلق حالة من الرضا ويدفع الإحباط بعيدا وهو ما يعني مواجهة قوى الاحباط والإثارة وان القادم اصعب .. بل تعزيز ثقافة الامل والتفاؤل والقدرة على المواجهة وقوة العزيمة والإرادة على الفعل الإيجابي دائما..
الامم والشعوب الحية قادرة دائما على استنهاض همم وقدرات ابنائها جميعا تحت المظلة الوطنية الحقيقية الشاملة..الكل من أصحاب القدرات الفكرية وغيرها قادر على العطاء والأدلاء بدلوه ويلقى الاحترام والتقدير على اي حال.. لأن الوطنية لايمكن أن يحتكرها أحد وحب الوطن ايضا إذا ما خلصت النوايا وابتعد الجميع عن اتهامات الخيانة والتخوين أو السقوط في افخاخ يريدها ويسعى إليها أعداء الوطن ومن لا يريدون له خيرا..
**من تجليات الحالة المصرية دائما وابداعاتها..أنها قادرة على تطوير نفسها بنفسها وأنها قادرة على التخلص بسهولة من الأعباء وإزاحة المعوقات في طريقها بفعل التدافع الطبيعي والتفاعل الحي على أرض الواقع..وما حدث مع إنتخابات الرئاسة وفتح المجال أمام الأحزاب وقادتها على خوض المعركة مسألة مهمة وأحد أهم معالم الطريق.. وكانت فرصة حقيقية لتعرف الأحزاب اين تقف وحجمها ودورها وأوجه التقصير الفعلية ومدي حيويتها وقدرتها على الفعل والمساهمة في العمل الوطني الجاد إذا ما كانت تريد مشاركة واثراء للحياة السياسية فالأمر ليس بالرغبات والشعارات فقط ولكن يتعلق بالفعل على الأرض والارتباط بقضايا الشعب والوطن والتفاعل معها والمشاركة بإيجابية وعدم الاستسلام السلبية ..
أتصور أن أمام الأحزاب الآن فرصة ذهبية لتحقيق انتفاضة حقيقية في صفوفها والتغلب على أمراضها التاريخية والتخلص من أوهام الزعامة إياها لدى البعض والدخول إلى معترك الحياة السياسية على قواعد واضحة من العمل الجاد والالتحام مع قضايا الوطن وهموم الشعب في كل مكان..
ولعل نتائج الانتخابات الرئاسية قد تهيء الأرضية والأجواء إلى عملية احياء حقيقية داخل صفوف الأحزاب وتعيد النظر في فلسفة وجودها وحقيقة حضورها في الشارع والقدرة على الممارسة السياسية الجادة كأحزاب حقيقية وفاعلة وليست مجرد صورة أو رقم في جدول وعداد الأحزاب السياسية فالوجود يجب أن يرتبط بالقدرة على الفعل والمساهمة بجدية في قضايا العمل الوطني في كل الأوقات ومختلف الظروف..
الأحزاب إذا لم تساعد نفسها وتفرض وجودها في الشارع فلن تنفعها ولن تستفيد من اي دعوات للإصلاح والمشاركة السياسية وغيرها..
وهذا لن يكون إلا بالمساهمة الفعلية في تقديم رؤى وطرح افكار وبرامج تتفاعل وتتواءم مع تداعيات وتطورات الحالة المصرية ..وليس على قاعدة النقد لمجرد النقد أو المعارضة من أجل المعارضة فهذه لم تعد مقبولة .. نظرا لارتفاع نسبة الوعي العام والتأثير الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل اللحظي مع الأحداث والذي بات يساعد على خلق رأي عام ضاغط في كثير من الأحيان وقد ثبت أن لها قدرة على التحريك والتأثر في اتخاذ قرارات أو تعديلها على الأقل..
مساندة الأحزاب ومساعدتها على تعديل مساراتها والعودة إلى القضبان الرئيسية للحركة الفاعلة مهمة وطنية ايضا يجب أن تساهم فيها كل المؤسسات الرسمية والشعبية لتمكنها من الحركة وإعادة التوازن إلى صفوفها المختلة ونزع فتائل التوتر وعدم اذكاء نيران الفتنة والصراعات عديمة الجدوى لاي من الأسباب..وهي قضية بجب أن تعطيها أهمية كبرى وتستوعبها الأحزاب نفسها خاصة تلك التى أصبح وجودها على المحك.. ولن ينفعها تاريخ قديم ولازعامات تاريخية أو بقايا واثار مجد كان ..
سؤال يطرح نفسه بقوة ..هل تفاجأت بعض الأحزاب بنسبة وجودها في الشارع بعد حصول مرشحيها على نسب أقل من الهزيلة في التصويت ؟! ام أن هذا كان أمرا متوقعا وطبيعيا وان هذا بالفعل حجم وجودها في الشارع؟! ام أن وجود الرئيس السيسي في الانتخابات كان له تأثير ؟! ام أن الأحزاب نفسها لم تحسن اختيار مرشحيها؟! ام أن الصراعات الداخلية للاحزاب أثرت بالفعل على العملية وفقد المرشح جانبا مهما من الدعم اللازم أو الواجب؟!
أيا ما تكن الإجابة فإن الأحزاب بحاجة إلى انتفاضة شاملة تطهر نفسها بنفسها وتقدم صورة تحترم الديموقراطية وتفسح المجال للمشاركة بين مختلف الفئات بعيدا عن أي عصبية قبلية أو الخضوع لضغوط وتأثيرات للقدرات التمويلية لأشخاص بعينهم أو جهات ما أو قوى تريد أن تفرض سيطرتها ووجودها ولو من وراء حجاب ..ولا يخفى على أحد ان أهل الأحزاب ادرى بشعابها.. وكلهم يعرف مواطن الداء واس البلاء لكن بعضهم يصر على أن يغمض عينيه على القذى !!
أيضا الساحة تحتاج فعليا إلى حوار حزبي حزبي قبل أي حوار اخر.. لتنظيم الصفوف دمجا واتحادا بين المتشابهات أو إلغاء للزوائد التى طرأت على الساحة في غفلة من الزمن ودعما ومساندة للجاد منها والمتميز في توجهاته وبرامجه ورؤاه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. وهو ما يعني إضافة حقيقية واثراء لكل حوار جاد حول قضايا الوطن في مختلف المجالات وبما يكفل ضمان وجود رمانة للميزان حينما تحتدم الخطوب ويستعر الجدل ويشتعل الحوار هنا أو هناك..
أبواب الأمل مشرعة والاعناق تشرئب إلى مستقبل واعد وأنوار ساطعة تبدد كل ظلام وتنير طريق السالكين إلى المجد الغيورين على دينهم أوطانهم..
&& من افضل ماقيل في الامل :
** أجمل وأروع هندسة في العالم أن تبني جسراً من الأمل على نهر من اليأس.
**الأمل ينام كالدب بين ضلوعنا منتظراً الربيع لينهض
**الأمل ليس حلماً، بل طريقة لجعل الحلم حقيقة.
**لا بد أن يشرق الضوء في آخر النفق ( مثل فنلندي ) .
** كن مخلصا في عملك تبلغ أقصى أملك.
**الأمل الكبير يتحقق دائما عندما يتشبث أصحاب المباديء بالحق والصبر والكفاح.
** من روائع الإمام علي كرم الله وجهه: من عمل في أيام أمله قبل حضور أجله فقد نفعه عمله ولم يضرّه أجله.
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com