كل من يدرك قيمة العمل الجماعي الإسلامي أسعده عودة العلاقات المصرية التركية علي مختلف المستويات.. فالدولتان كبيرتان ولهما ثقلهما الإسلامى والسياسي والاقتصادى والعسكري على مستوى العالم، وكل تقارب حقيقي بينهما يحقق طموحات الشعبين ويوفر لهما مستقبل أفضل، كما يحل كثيرا من المشكلات فى الدول المجاورة، والأهم أنه يبث الرعب في نفوس أصحاب مبدأ (فرق تسد) وهم يحيطون بنا من كل جانب وأبرزهم عصابة تل أبيب.
تضامن وتحالف الدول الاسلامية وتعاونهم وتنسيق مواقفهم بالتأكيد يرعب الكيان الصهيوني الذى سعي كثيرا ولا يزال يسعى ويجند كل أدواته الحقيرة لإفساد العلاقة بين الدول الاسلامية، وإحداث الوقيعة بينها، وسيظل يسعي مستقبلا لتحقيق مخططاته لنشر الفتنة وإحداث الوقيعة بين الدول الاسلامية، لأنه يدرك جيدا أن التقارب العربي العربي، والإسلامي العربي، من شأنه أن يغير المعادلة في المنطقة، ويمثل حائط صد قوي في مواجهة أطماعه في المنطقة، فالكيان الصهيوني المجرم منذ أن ابتلينا به وهو يسعى جاهدا لبث الفرقة والوقيعة بين الدول الإسلامية لأنه يرتعد من تعاونها وتنسيق مواقفها.. لذلك فأول المرتعدين من التقارب المصري التركى هم الصهاينة المجرمون.
على المستوى.. السياسى كل تقارب بين مصر وتركيا من شأنه أن يحل مشكلات كثيرة وينهى صراعات موجودة حاليا على الأرض فى دول مجاورة وأبرزها كارثة غزة وضرورة الوقف الفوري للمجازر الصهيونية لأهل القطاع والأراضى المحتلة عموما، وإعطاء الفلسطينين حق تقرير مصيرهم واختيار قيادة دولتهم التى لا بديل عنها رغم عناد وصلف مجرم الحرب الذى يقود الكيان الصهيونى حاليا.
أيضا.. سيكون للتقارب والتعاون المصرى التركى تأثيره الكبير على استقرار الأوضاع فى ليبيا الشقيقة وقد بشرنا الرئيس عبدالفتاح السيسى باتفاق الرؤى بين مصر وتركيا فى وسائل حل المشكلة الليبية والاتفاق على حزمة من الإجراءات المدعومة من البلدين وضرورة إجراء الانتخابات الليبية لاختيار سلطة شرعية جديدة تحقق الاستقرار السياسي والعسكري في الدولة الشقيقة وتعيد بنائها من جديد، الى جانب توحيد الجيش الليبى ليكون الدرع الحامى للوطن بدلا من الاقتتال الداخلى.
كثير من مشكلات دول حوض البحر الأبيض المتوسط تحتاج الى توحيد الرؤى وتنسيق المواقف بين مصر وتركيا ولذلك من المنتظر أن تشهد المنطقة المزيد من الاستقرار فى ظل التقارب المصرى التركى.
علي المستوي الاقتصادي.. التعاون المصري التركى يسهم بالتأكيد في حل المشكلات الاقتصادية في البلدين الكبيرين، لأن ظروفهما الاقتصادية متشابهة الي حد كبير، واقتصاد الدولتين في أمس الحاجة الى حزم قوية من الدعم الاقتصادى والعمل المشترك، ولذلك فإن الدعم السياسي للعمل الاقتصادي بين البلدين سيكون له تأثير كبير علي خطط وبرامج ومستقبل التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا واعتدال الميزان التجارى بينهما بما يحقق المنافع والمكاسب للطرفين، وهو ما نتطلع إليه خلال المرحلة القادمة.
صحيح ان التعاون الاقتصادى بين البلدين لم يتأثر خلال السنوات العشر الماضية بالمشاحنات السياسية أو الفتور السياسي الذي صاحب ثورة الشعب المصرى علي نظام الحكم الإخواني؛ حيث استمرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين قائمة وانتشرت المنتجات التركية في كل المتاجر المصرية وتعاملت مصر بعقليه اقتصادية منفتحة على مسألة التبادل التجارى بين البلدين.. لكن بالتأكيد مستقبل التعاون الاقتصادى في ظل زخم عودة العلاقات السياسية الكاملة وتنسيق مواقف الدولتين يبشر بالخير، وعلي الاقتصاديين فى البلدين وضع تصور لتعاون اقتصادى وتبادل تجاري أكبر بين مصر وتركيا بعيدا عن كابوس الدولار .
على المستوى الثقافى مصر وتركيا تمتلكان الكثير والكثير من الميراث الفكرى والثقافى الإسلامى فالبلدان الكبيران تمتلكان أكبر وأعظم المزارات السياحية والمنشآت ذات الطابع الدينى التى يقصدها ملايين السياح حول العالم، كما تمتلكان أكبر عدد من المساجد التاريخية فى العالم، وكل هذا من شأنه أن يوفر فرص تعاون وتكامل بين الدولتين بما يسهم فى تعريف العالم بالتراث الثقافى الإسلامى وتحقيق اقصى استفادة عصرية منه.
والخلاصة.. أن مصر وتركيا تستطيعان فعل الكثير والكثير من العمل المشترك سياسيا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا.. فالدلتان لهما ثقلهما علي مستوي العالم في مختلف المجالات، وتوحيد الرؤي والجهود بين الدولتين وتتسيق مواقفهما يحل كثيرا من مشكلات الدول المجاورة، ونتطلع الى حقبة جديدة من التعاون والتكامل وعلاقات قوية لا تعطى فرصة لأهل الشر لإحداث وقيعة جديدة بين الدولتين.
العمل المشترك بين الدول الإسلامية فى ظل الظروف الدولية الراهنة يوفر حماية للدول الإسلامية من المخططات والأطماع الصهيونية، ولذلك نتطلع الى اتساع نطاق التعاون والتحالف بين الدول الإسلامية، فنحن كدول إسلامية نتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان كما نرى الآن فى تعاون وتحالف أمريكا مع الكيان الصهيونى حيث يقتل المئات من المسلمين يوميا على يد الصهاينة المجرمين بالأسلحة الأمريكية.
تعاون وتكامل الدول الإسلامية لا يخيف إلا أهل الشر والطامعين فى ثروات المسلمين وأرضهم ولذلك يجب السعى بنوايا خالصة لجمع الدول الإسلامية على أهداف واحدة وهى التعاون فيما بينهم على حماية أرضهم ومقدساتهم وثرواتهم من الطامعين والمعتدين الآثمين.
كلنا أمل أن يشهد التعاون الإسلامى الإسلامى، والتعاون الإسلامى العربى دفعات جديدة تبث الأمل بمستقبل أفضل فى نفوس المسلمين الذين يسيطر عليهم الآن اليأس والإحباط من كم الظلم والعدوان الذى يمارس ضد أهل غزة على يد أحقر قوة احتلال فى التاريخ.
كلنا أمل أن نرى تعاونا وتقاربا حقيقيا بين الدول الإسلامية خلال السنوات القادمة.. تعاون يقرب المسلمين بعضهم من بعض، وينهى الصراعات والتحزيات الدينية من نفوسهم، ويجمعهم على أهداف مشتركة يبثها الإسلام النقى فى نفوسهم، ليعيدوا أمجادهم كقوة تنشد الحق والعدل والسلام، ويوفروا لأنفسهم فرص الحماية من الطامعين والمستغلين والمحتلين فى عالم لا يعرف إلا منطق القوة.
b_halawany@hotmail.com