أمابعد..
فياحضرة الغريب..
قد جئتني من وحشة المنافي..
وقسوة الدروب..
مشردا، بائسا، محزونا..
وطرقت بابي، مجهولا..
لا هوية ولا ملامح..
لا أوراق ثبوتية، ولا جواز عبور..
ولا ضمير حي، يرجع إليه حال النكوص على العقبين يوما..
فيحتكم..
ليحمل الخزي من خان العهد، وبدل عامر الأرواح خرابا..
فيحملك الوخز حينها على التوبة من مقارفة التجاهل، إذ لم يكن من آذيته به أهلا لذلك، لترد جميله بهكذا نكران..
أتيتني مغدورا، مسموما بمشاعرك، ميت الشعور..
فاعتنقتك بعنفوان مشاعري..
ونفثت فيك من لهفي، وقرأت عليك آي حناني..
وألقيت عليك محبتي..
وتغاضيت عن كل أكوان السواد بداخلك،،،
وأخرست بداخلي جفاء السؤال..
فلم أجزه من أقبية خجلي، وياليتني فعلت..
والحق، أن الحماقة في عدم انتظار الجواب..
حتى على سؤال لم يسأل، لئلا يفتح جرحا نازفا من جديد..
فشرعت لك الأبواب..
أهلا به ومرحبا..
(وما يضر، غريب..أعوزته السنون)..
وعار على المسؤول أن يرد سائله خائب المسعى، صفر اليدين..
ضامر القلب، طاوٍ على خيبة الظن..
فلم تلقه رياح النصيب ها هنا..
إلا وله من جانب اللين فينا نصيب..
أيا حضرة الغريب..
أتيتني،،،،
ظامئا، فسقيت..
هاربا، فآويت..
وكفكفت دمعا، لم تسألني أن أمسحه عن وجنتيك، لكنه طبع الغباء بداخلي..
وقد غلب كل محاولات يأسي أن أكون كما الجميع..
أتيتني،،،،
فارَّا من لجة الخوف، ترتعد..
فمنحتك للأمان شاطئا..
وجعلت لك من ضلوعي وسادة لتنام..
وتلقي عنك كل هذه الوعثاء، وكل هذا النصب..
وصرخت في الأيام..
ترفقي..
أتيتني،،،،
لاجئا، قد أظلمت في وجهك الدنيا..
واكفهرت..
فأوصدت أبوابها..
واستدبرتك الوجوه زهدا، وأعطاك كل طامع ظهره، فلم يعد لهم فيك مطمع، وكأنك طمرٌ بالٍ..
فلم أسألك لم، أو كيف ومتى؟!..
وأي وزر تحمل على عاتقك؟!..
حتى يتكالب عليك الجزاء هكذا، بأسا وقسوة..
وقبلتك كما أنت..
بكل هزائمك، وشروخك..
وندوبك، وعيوبك، وكروبك، وذنوبك..
وانطفائك، وانكفائك..
وبعثرتك، وخذلانك..
وهمومك، وغيومك..
ووعودك الزلفى، ورعودك..
وفصول ألمك القاسي، ومطرك الحزين..
وقلت لك (لا تحزن، أنا معك)..
قاصدا إياها بكل ما تحمل من معنى..
فخلعتني ومضيت..
أيا حضرة الغريب..
أتيتني،،،،
مزلزلا، مكسورا..
فجعلت لك من ظهري ظهرا، ومن ساعدي متكئا، ومن عضدي منسأة تقيم بها ضعفك، وتخفي بها ما حزبك..
وضممتك إلى فردوس قربي..
إلى قلبي..
إلى تلك السكينة..
إلى خبيئة العمر..
وكأنك آخر كنوز الدنيا..
ومفاتح مغاليق الأحلام..
فهدمت بنيانها بكامله حينما أتتك الفرصة..
إيييه، فعلتها وقويت..
أيا حضرة الغريب..
هل تعلم؟!..
أنني منحتك وطنا لا تستحقه..
فخنت..
وشرفا لا تليق به..
فطعنت..
لم آسَ، ولم أندم..
لكنني الآن، وبكل ما فيَّ من قوة، أفعلها..
لأنني،،،
لا أعرف كيف أعيدك غريبا..
كما كنت..
فهلا ذهبت؟!..
وعليك من الله ال……
أمان..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..