فإذا قالت (وثيقة رابطة الدفاع اليهودية ) :لقد عاش و حَكَم في القدس و سليمان عليهما السلام، و فيها بني سليمان هيكلاً لليهود، فسنقول لهم :نعم !. و لكن هذا لا يقيم علاقة بين اليهودية و بين القدس … و ذلك لعديد من الأسباب التاريخية و المنطقية و الواقعية ، ومنها :
أن داود و سليمان – عليهما السلام – بمنطق اليهود و اليهودية – هم من (الملوك) و ليسوا من (الرسل و الأنبياء)، و من ثم فإقامتهم في القدس و علاقتهم بها هي علاقة الاستيلاء السياسي و الحربي ،و ليست علاقة دينية بين القدس و بين اليهودية كدين .
و أن علاقة داود و سليمان – عليهما السلام – بالقدس ،كانت بالنسبة لعمر القدس ،الذي يبلغ الآن ستة آلاف عام ، علاقة عارضة و طارئة و سريعة الزوال ، فهي بدأت في القرن العاشر قبل الميلاد ، بعد أن كان عمر القدس قد بلغ ثلاثة آلاف عام ، فهي قد أسسها (اليبوسيون )،أجداد العرب الفلسطينيين – قبل الميلاد بأربعة آلاف عام – و لم تدم العلاقة بين داود و سليمان ،بل و بين كل العبرانيين ، وبين القدس و فلسطين أكثر من 415 عاما.
فهل يؤسس ذلك لليهود حقا (وطنيا …و سياسيا …. و سياديا ) دائما في القدس و فلسطين ؟
لقد أقام العرب المسلمون و حكموا في الأندلس ثمانية قرون ،و بنوا فيها المساجد التي لا تزال قائمة حتى الآن ، فهل يرتب ذلك لهم في اسبانيا و البرتغال حقوقا (وطنية … و سياسية .. و سيادية )؟
و لقد أقام الإسكندر الأكبر المقدوني (365- 323 ق.م ) في مصر و غيرها من بلاد الشرق مدنا و معابد و إمبراطورية دام حكمها و حكم خلفائها فيها قرابة العشرة قرون – من القرن الرابع قبيل الميلاد إلي الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي – فهل يرتب ذلك للشعب المقدوني أو الإغريقي أو الروماني – أو لهم جميعا في مصر و المشرق حقوقا (وطنية … و سياسية .. و سيادية )؟!
إن اللجنة الملكية البريطانية قد حكمت سنة 1929 م بأن ما يسميه اليهود (حائط المبكي ) هو (حائط البراق ) – جزء من المسجد الأقصى ،و معراج رسول الإسلام ،و لا علاقة له بهيكل سليمان .
و لقد مضي قرابة نصف القرن علي احتلال اليهود للقدس الشرقية ، و تكثيفهم البحث و التنقيب و تقليب باطن الأرض بحثا علي أي اثر أو دليل علي دعواهم هذه ،لكنهم لم يعثروا في كل هذه المنطقة ،و طوال هذه السنين ، علي أدني أثر لهذا الهيكل المزعوم .
فأين هي العلاقة بين اليهودية و اليهود و بين مدينة القدس ؟ ثم ..هل يهودية التلمود ،و يهودية الصهيونية هي يهودية موسي عليه السلام ؟….. و للحديث بقية