الطيب: “الحكم” اسم من الأسماء التي اختصت بها الذات الإلهية ولا يجوز لأحد أن يتسمى به
من مقتضيات الإيمان باسم الله “الحكم” الهدوء والطمأنينة والتسليم لله تعالى في كل ما هو آت
دائما ما يكون للبشر قصور في الرؤيا واستعجال دائم في الحكم على الأشياء
نقول لمن يستعجل نصر الله.. حسابات البشر غير حسابات الله فهو يمهل ولا يهمل
شيخ الأزهر: الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته
كتب د. عبد العزيز السيد
قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن “الحكم” من أسماء الله الحسنى وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى: «أفغير الله أبتغي حكما»، ومعناه القاضي العادل الذي يكون عدله عدلا مطلقًا لا شائبة فيه من ظلم ولا مجاملة ولا خطأ، مشيرًا إلى أنه «بهذا المعنى لا يطلق إلا على الله، حيث أن حكمه تعالى مطلق وعادل يدل على الإتقان الشديد، مؤكدا فضيلته أن الكون بما فيه من ترتيب للأمور وسوق للنتائج خير شاهد على ذلك.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة الرابعة من برنامج “الإمام الطيب”، أنه لا يجوز أن يسمى أحد من البشر باسم “الحكم”، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رفض تسمية أحد الصحابة باسم “الحكم”، طبقا لما ورد في الحديث النبوي، أن شريح بن هانئ حين وفد على النبي “ﷺ” مَعَ طائفة من قومه فسمعهم يكنونه أبا الحكم، فدعاه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين. فقال: ما أحسن هذا فما لك من الولد؟ قلت: شريح، ومسلم، وعبدالله. قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح، وبين له أن هذا الاسم لا يطلق إلا على “الله تعالى”، وغير اسمه من “أبا الحكم” إلى أبو شريح.
وبين فضيلته أن البشر لهم حساباتهم التي تختلف عن حسابات الله تعالى، ودائما ما يكون لدى البشر قصور في الرؤيا واستعجال دائم في الحكم على الأشياء، خاصة حين تضيق بهم الأمور، ومن ذلك ما ورد في قول الله تعالى “وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب”، في إشارة لاستعجال المؤمنين للحكم، فكان الرد في نفس الآية “ألا إن نصر الله قريب”، مشيرا فضيلته إلى أننا الآن، ومع ما يحدث حاليا في قطاع غزة، نقول “متى نصر الله”، لكن حساباتنا غير حسابات الله، والله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وهذه حكمة الله ومن مقتضيات اسمه “الصبور”، فالله تعالى يعطي الفرصة مرات ومرات، حتى يأتي حكمه القاطع.
وأكد فضيلته أن المسلم إذا كان يعلم اسم الله “الحكم” تمام العلم، فيلزمه أن يعلم أن الأمور قد جفت بها الأقلام، فيعيش هادئ مطمئن غير قلق وغير متوتر، لأن “ما شاء سيكون”، فلا يكون مضطربا ولا محزونا وعليه أن يلتزم بالحكمة التي تقول “المقدور كائن والهم فضل”، بما يعني أن كل الأمور قد قضيت ولا يوجد أمر يحدث لم يسبق به علم الله تعالى، وهذا ما يعطي الإنسان القوة والقدرة على مواجهة المشكلات بالصبر، وبالاستسلام لله تعالى، والذي قد يخرجه من حالة الضيق، موضحا أن الناس فريقان، فريق يخشى من العاقبة وآخر يخشى من السابقة التي هي “الحكم”، والتسليم بالقدر المكتوب، فينشغلون بما كتب لا بما سيقع.