سيظل صلاح السعدني صاحب حضور ومكانة متميزة لدي الجماهير التي تابعت مسيرته الفريدة في حقل الدراما منذ أن كان طالبا بالجامعة حتى رحيله الجمعة الماضية ..إنه باختصار فنان الأدوار الصعبة وباشا الدراما وعمدة الأداء الفريد..
**في لحظة حزن عميق..شعر بها الملايين ظهيرة الجمعة الماضية ..رحل الفنان الشامل صلاح السعدني ..نجم الدراما من نوع فريد..بعد أن قاوم المرض بشجاعة ..وترك بصمات مبدعة على مسيرة الفن المصري .سينما ..مسرح..تليفزيون ..
مسلسلات ..ندوات نقدية ومهرجانات ..
كان فيها جميعا معبرا عن نبض الجماهير ..قادر على الإقناع في أداء الشخصيات المتنوعة من الفلاح الفقير وحتى الباشا صاحب النفوذ الخطير ..مرورا بشخصيات أخرى غير من نمطيتها المعروفة إلى آفاق جديدة ..أوجدتها الشخصية..كاملة متفردة دون نقصان..مثل المجذوب وفنان التراث والجندي وأستاذ الجامعة العالم والطبيب ..سلسلة طويلة يشاء القدر ان تظل حية بعد رحيله من خلال أعمال درامية تغطي جميع المجالات..تسجيلاتها جاهزة للعرض والامتاع لمن يريد..
**السعدني من مواليد ١٩٤٣ ..نفس العام الذي ولدت فيه ..وعرفته ضمن شلة كلية الزراعة التي جمعت شبابا موهوبا في الستينات جمعتهم الدراسة الجامعية وهواية التمثيل ..منهم الزعيم عادل إمام والمرحومين سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد ونجاح الموجي..وغيرهم..
تلقفهم الفنان العظيم فؤاد المهندس مدير رعاية الشباب بجامعة القاهرة وعبد المنعم مدبولي مفجر الضحكات والابتسامة مدرس العملي بكلية الفنون التطبيقية..وتلقفتهم فرق التليفزيون..القادم الجديد إلى حياة المصريين..ليحصلوا على فرص للشهرة المتوهجة وبطولات مطلقة ..وشعبية كاسحة عبرت الحدود..
**صلاح السعدني الشقيق الأصغر للكاتب الصحفي الساخر المرحوم محمود السعدني ..قدم لنا نفسه..في البدايات دون أن يقصد بجملة ذات معنى كان يرددها لأشقائه – أبناء بابا عبده- في المسلسل الناجح “أبنائي الأعزاء شكرا ” مؤكدا دائما أنه يبحث عن حل يرضي جميع الأطراف وترجم ذلك في مسيرته الفنية الطويلة التي جاوزت النصف قرن..واستثمر خلالها موهبة صادقة متفجرة مقنعة للمشاهدين واقتحم الأدوار النمطية ..ليعيد صهرها في أدوار معجزة ..مضيئة متلألأة..تجذب الأنظتر..وامتفي هنا كمثال بأدواره : أولا عصفور العاشق المجنون في يوميات نائب بالأرياف والملحمة الدرامية ليالي الحلمية لأسامة أنور عكاشة في دور سليمان باشا غانم العمدة..العدو اللدود للباشا سليم البدري ابن الحلمية ..في سجال تواصل لعدة مواسم ..وفجر طاقات إعجازية غير مسبوقة على الإطلاق ..ثم مسلسل أرابيسك من تأليف عكاشة أيضا أمام العمالقة هدى سلطان وكرم مطاوع وحسن حسني والمنتصر بالله وهالة صدقي وهشام سليم..في دور الأسطى حسن النعماني ..حفيد فنان الأرابيسك منتج روائع الأثاث الإسلامي من منابر وكراسي يتنافس عليها الملايين..
**وتحقق المثل ابن الوز عوام ..بظهور ابنه أحمد السعدني الذي شق طريقه بالموهبة إلى مسار يختلف عن والده تماما..
وكان صلاح خلال مسيرته حريصا على التواجد والإسهام في الحياة الفنية والثقافية..إلى ان اضطر للاعتزال بسبب المرض..ظل يقاوم في صمت وشجاعة ..إلى أن رحل عن دنيانا الجمعة الماضية ..وترك لنا رصيدا كبيرا ملىء بالسعادة والحب ليسعد به الأجيال ..رحمه الله..وعوض الوطن عن خسارته بإذن الله..
صالح إبراهيم