اسعدني الحظ ان كنت من اوائل الجماعات الصحفية التى زارت سيناء بعد التحرير مباشرة وشاركت في تغطية الاحتفالات بافتتاح المقر الجديد لمحافظة شمال سيناء بالعريش اولا وبعدها في احتفالات الجنوب في الطور..
وعلى مدى اسبوع قمنا بزيارات عديدة لمدن المحافظة خاصة الشيخ زويد ورفح ونخل في الوسط ..وكان موقع مستوطنة ميت ياميت على البحر المتوسط الاكثر اثارة ودهشة وله اهمية كبرى على الاقل بالنسبة لي شخصيا ورغم ان اسرائيل دمرت المستوطنة كاملة ورفضت تسليمها ولم تقبل حتى بالتعويض الا ان التصرف الصهيوني اضفي المزيد من الاثارة على الحدث وكشف بل ووثق الخيبة الكبيرة للاطماع الصهيونية في سيناء .والتى تحطمت تماما بفضل بسالة وبطولات الجيش المصري واصرار المفاوض المصري على استئصال اي اثر لليهود الصهاينة في سيناء وهذه كانت ضربة قاصمة ومسمارا كبيرا يدق في نعش الاحلام التوسعية للصهيونية واصرارهم على التمدد في سيناء ليس هذا فقط بل وفي احلامهم الاستيطانية في فلسطين والاراضى العربية المحنلة..وهو الامر الذي كانوا قد اعدوا له عدته من الناحية التمولية والعسكرية والمؤامراتية وغيرها ليتسللوا الى سيناء ويبسطوا نفوذهم عليها وكان الاستيطان ابرز الخطط الاستراتيجية التى اعتمدها هيرتزل وزبانيته ونجحوا في الحصول على مليارات الدولارات من عائلة روتشيلد ومن على شاكلتهم لبناء عدة مستوطنات على هيئة سلسلة متتابعة بحزام جغرافي واضح كانت مستعمرة يامت تشكل القلب منها وعدوها المركز ونقطة التحرك والانطلاق على ان يتجمع فيها الصفوة من اليهود الصهاينة ورجال الاعمال وكان معهم خطة بناء اكبر ميناء بحري شرق البحر المتوسط واعداد المنطقة المحيطة على ان تكون الريفيرا الحديثة في المنطقةوتكون بديلا للريفيرا الفرنسية واخواتها.
والحمد لله تبخرت هذه الاوهام والاحلام على صخرة الارادة المصرية ورحلوا الى غير رجعة..وهو الدرس الذي لن يستطيعوا نسيانه ابدا..
هاجس الاستيطان ظل يشغل فكري كثيرا مع كل زيارة لسيناء.. حنى عندما زرت جنوب سيناء مع قافلة احتفالات التحرير الاولى ..اقمنا في مدينة الطور وزرنا سانت كاترين وديرها العظيم المبهر والذي تشعر فيه بجمال وجلال ومهابة ليس فقط لعظمة المكان ولكن لما يحيط به ويكتنفه من اسرار وحكايات وثيقة الصلة بالروح المصرية الاسلامية والقبطية على السواء. المكان والمنطقة المحيطة به يجللها السحر الساحر وعبق التاريخ حكايات مذهلة خارج اطار العقل والفكر احيانا تصعد بك الى السماء وتسيح بك في روحانيات لاحدود لها وكانك في عالم من التيه لا تستطيع ان تلاحق او تتابع شطحات العقل والفكر المحفوف بشذرات الايمان المتوقد لمعرفة اليقين..امامك على مرمى حجر خاطب الله نبيه موسى وكلمه مباشرة.. اخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى .. امامك جبل التجلى..حينما طلب موسى من ربه :ارني انظر اليك .. ورد عليه : لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني !!.وكانت المعجزة فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا..
في المدخل شجرة العليقة المباركة التى راها سيدنا موسى وراها نارا او بجانبها نارا وقال لاهله امكثوا اني انست نارالعلي اتيك منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون..
على الحائط الرئيسي للدير وصية النبي محمد صلى الله علية وسلم ورسالته الى المقوقس عظيم مصر..ان استوصوا باقباط مصر خيرا.
واخذنا احد الرهبان في جولة بالدير وتوقفنا كثيرا في المكتبة التاريخية النادرة ومخطوطاتها القيمة..وهذا موضع حديث اخر مثيرله علاقة بحلم الاستيطان..
والله المستعان.