أمابعد..
إنما الحزن يا صديقي..
فيض الحضور، لا سطوة الغياب..
وجع البقاء، لا وخز الرحيل..
الحزنُ..
لذه الاختباء خلف جبال الاعتذارات المهذبة، لا طعنة الانسحاب..
الحزنُ يا صديقي..
أن تحصدك المناجل قبل الموعد..
فتسحقَ بداخلك السنابل..
وتخذلَ الأحلام..
الحزنُ يا صديقي..
ليس الفراق، كما يظنون..
إنما، أن تغتالنا الذكريات ببطء وتلذذ، فلا نواجهها بالنسيان..
هم جاؤوا أرضنا بلا قلوب..
ونحن،،،
نتمنى لو ننسى، فلا ننسى..
فلا نحن نملك رفاهية الدفء، ولا هم يعانون برودة الاغتراب.. أو حرقة المنفى..
الحزنُ..
أن تنكسر المرايا قبل أن يهشمها الحجر..
فتتمزق الصور، وتتساقط التماثيل المنصوبة في داخلك..
من خيبة الظن، لا مِنْ قسوة القذف..
فتغيب ملامح الأشياء، ويزدهر الضباب..
وتخضر الخيبة في صدرك، حتى آااااخر رمق من ظمأ..
وكأنما لا تقصد من العالم سواك..
الحزنُ..
هو ذلك الوهج من الندم، لايخبو..
لايؤمن بقانون الانطفاء..
ولايسلك أودية الرماد، فيتلاشى..
الحزنُ..
أن تلوك نيَ الألم كل صباح..
إذ لايُسمح لك أن تنتظر حتى ينضج على مهل..
فيزول رويدا رويدا..
الحزن يا صديقي، باختصار..
هو نحن..
بلا مزايدة..
بلا أقنعة..
ولا مساحيق تجميل..
نحن الحزن..
حينما قرر أن يسير على قدمين..
انتهى..
بقلمي العابث..