مضى خبر العباسيين من الخلفاء سبعة وثلاثين على اتساع رقعة خمسة قرون، في مطويات الغابرين،، وبقيت مآثر أحمد بن حنبل وسفيان الثوري شاهدي عيان على شطر دولة العباسيين ، خالدة تالدة إلى يوم الدين …
مات أكثر خلفاء بني العباس لا ذكر ولا فخر، اللهم باستثناء هارون الرشيد الذي كان يحج عاماً ويغزو الآخر، ومات معهم أحمد بن أبي دؤاد، الذي تولى كبر لوثة خلق القرآن، وما تمخض عنها من التنكيل بأحمد بن حنبل جلداً وتعذيباً وتحقيراً،،،
ولما مات أحمد بن حنبل رحمه الله، شيعه اثنتان ونصف مليون رجلاً، في أفخم وأضخم جنازة في التاريخ من لدن صدارة الإسلام… ليكرمه الله حياً وميتاً، ويحفظ له صدق عبارته ( بيننا وبينكم يوم الجنائز ) …
وأسلم يوم موته عشرون ألفاً من المجوس واليهود والنصارى، وظلت مآثر علمه تحلق في سماء الزمن غابره وحاضره ولاحقه،،،
وعلى منوال أحمد بن حنبل لاح في الأفق نبراس ابن تيمية، الذي ولد مع نهاية دولة العباسيين، والذي رجح بماضوية العباسيين باجتهاده وفقهه، ومناظراته ومؤلفاته، ورباطة جأشه التي لن تمحى ريب المنون ….
أحمد بن حنبل عالمٌ سنا برقه في ظلام الفتن والمحن التي اختُلقت في عهد المأمون والمعتصم.. فانتصر أحمد وهزم خصومه يولون الدبر …
وابن تيمية عالمٌ قاوم أمواج المُبتدعين والمُجسمين والمُشعوذين والمُغالين واليهود والنصارى، بإقامة الحجة والمحجة، وتفنيد البدعة والشبهة، فجعله التاريخ في قلبه وفؤاده كالطود الشامخ المتين، الذي لا تهزه عواصف الجهل وسفاسف المجون …
لمثل هؤلاء يفخر التاريخ، وبمثل هؤلاء يقال بيننا وبينكم التاريخ ..
وكمثل هؤلاء نُعول على الزاد من العلماء النحارير لكبح جماح المهرطقين والموتورين …