هناك عدة ظواهرسلبية وإيجابية برزت من خلال متابعة للعروض التى يقدمها المسرح المصرى بمختلف روافده ، سواء أكانت عروض البيت الفنى للمسرح ، هيئة قصور الثقافة ، المسرح الجامعى ، مراكز الإبداع ، الفرق الحرة ، كان لزاما أن نرصدها لعلها تساهم فى إحداث حراك مسرحى بالتأكيد على الإيجابى منها وتطويره ، والتصدى للسلبى وتغييره، وهذا من أولويات وأوليات عمل الناقد الجاد ،وأهم تلك الظواهر:
- ذلك الإقبال المحموم على المسرحيات المترجمة مع إغفال اسم المترجم ، وكأنه لاوجود له ، متجاهلين أن الترجمة عملية إبداعية بحد ذاتها من خلالها نتعرف على آداب الشعوب الأخرى .
- تستأثر مؤلفات وليم شكسبير بالقسط الأعظم ، خاصة التراجيديات مثل لير وهاملت ، ويتفاوت التعامل المتكرر معها مابين المحافظة إلى حد كبير على النص الأصلى بترجمته القديمة ، بما تحتويه من ألفاظ عفا عليها الدهر ، مما يصعب فهمها على الجمهور بصفة عامة ،أو تقديمها بصورتها الكلاسيكية لترجمة رصينة يتم إعدادها على يد دراماتورج متخصص محترف( مستشار أدبى وفنى للنص) مثل يوليوس قيصر ، إلى محاولات تقديمها بشكل مغاير فى أشكال جديدة مثل روميو وجوليت ، ومأساة الملك لير لجامعة عين شمس ، وأنا هاملت لمركز الإبداع ، وتجد إقبالا كبيرا نظرا لطرافة التعامل مع تلك النصوص بتناولها من منظور عصرى ، أو ربطها بالحاضر، مع انحسار لنمط الاستكتشات التى ساد المسرح المصرى لعامين متواليين.
•الدفع بأسماء لمؤلفين أجانب حتى فى عروض الثقافة الجماهيرية بغض النظر عن صلاحية الخطاب لجمهور الثقافة الجماهيرية ، أو تضمن تلك النصوص لقضايا قديمة لا تجد ترحيبا ولا إقبالا من الجمهور. - تجاهل كتاب المسرح ومعديه،واستثار مخرجى العروض بالتعامل مع النصوص تحت مسمى رؤية وإعداد ، أو الدراماتورج، على طريقة البنا والمناول كما يقول المثل العامى ، فى ظل فوضى المصطلح.
•انحسار ظاهرة العروض الغرائبية الفكر والمضمون والتى تستعصى على فهم المسرحيين فما بالنا بالجمهور العادى ، وهى بقايا ترسبت كمضاعفات من تبنى المسرح التجريبى بغرائبه ، وعروضه المملة الصادمة ، وانحصارها فى عروض مسرح الهناجر، وعروض نوادى المسرح، وفرق الهواة، وبعض عروض مسرح الشباب. - استمرار الحصار الخانق لكتاب المسرح فيما عدا أصحاب الأقلام الضاغطة المبتزة ، أو كتاب حصدوا الجوائز برغم عدم جودة أعمالهم، فى رهان فاشل بفرض أسمائهم على الساحة الخربة المهجورة من المؤلفين الجادين المنفيين، وعلى الرغم من فشل أعمالهم الواحد تلو الأخر، مستنزفين موارد المسرح ، مما يتسبب فى هجر الجمهور للمسرح وانصرافه عنه، والملاحظ أن العروض التى حظيت بنجاح جماهيرى هى التى تستند على نص قوى.
.إذن المسرح المصري محاصر بزيف إعلامي ، وتظلله كآبة انصراف الكتاب الجادين عنه ، حيث انكسرت طموحاتهم في ظهور إبداعاتهم للنور أمام الأسوار العالية الصخرية للجان الرفض المسرحي التي تعد خصيصا لرفض نصوصهم في فجاجة وجرأة المستعفي بسلطانه الأرضي الواهي ، والإجابات الرسمية متوافرة وسابقة التجهيز لمن يجرؤ على الشكوى وهى أن نصوصه لا ترقى لتقديمها ، وطبعا لا يملك الوزير الذي أطلق يد مجموعة المماليك الذين يديرون شؤون المسرح المصري، ويقودون سفينته وتاريخه المشرق تحت وطأة الواقع المتردي لواقع المنتج المصري بعروضه التي يوليها الجمهور ظهره ، في ظل من مجاملة الكثير من الأقلام المبتزة ، والنشر عن إيرادات دون ذكر المصروفات ، والحجة المسرح ليس سلعة استهلاكية ، ردودهم متوافرة وحججهم الباطلة آلية محفوظة ، ولكن أمام هذا الانهيار لماذا لا يتكاتف المسرحيون للحفاظ على هذا الفن ، وذلك بتبني كشف النقاب عن أولئك الكتاب الموهوبين، الذين سحلتهم على مر عقود من الزمان تلك القيادات المهترئة الزائفة التي تتصدر رسميا مواقع القيادة في المسرح. - عدم موائمة مايقدمه بعض المخرجين وخاصة الشباب منهم بين ماحلموا وتمنوا أن يقدموه على خشبة المسرح وبين اهتمامات الجمهور.
- عروض الشباب بصفة عامة بين مايتبناه البيت الفنى للمسرح ، وعروض الجامعة خاصة عين شمس والقاهرة، وعروض مراكز الإبداع، وهيئة قصور الثقافة ، تشكل تنافسا محمودا لا تشكل فيه الإمكانيات المادية أى عائق ، ليفرض الشباب فنه ويصبح التنافس على أشده ، وتنحصر جوائز المهرجانات بين تلك الجهات معلنين أن شباب المسرحيين قادمون لامحالة ، مبشرين بنهضة مسرحية تعيد للمسرح رونقه وجمهوره، ولكن حدث العكس تماما فبعد فترة انحرفوا بالمسرح عن جادة الصواب .
- حنين الشباب للعروض الناطقة بالعربية الفصحى ، مع كثرة الأخطاء نحوا وصرفا ونطقا ، مع الميل إلى أشكال التمثيل القديمة من مبالغة ، وعلو صوت ، وكثرة القتلى فى عروض تمتلىء بالمأسى والفواجع ، وياللهول.
- سيطرة مؤلفين بعينهم من الشباب على عروض الجامعة ، واحتكار تقديمها لنصوصهم ، وهى عروض إما مقلدة للتراجيديات القديمة ، أو مقتبسة عن نصوص غير مشهورة لكتاب أجانب أو عرب دون ذكر المصدر الذى أخذوا عنه .
- أعلنت وأبرزت وكشفت تلك العروض عن طاقات تمثيلية رائعة ومواهب حقيقية ، ولكن يبقى مصيرها مجهولا وضبابيا يدعو لليأس فى ظل القيود الصارمة لنقابة الممثلين ، وعدم وضع ألية لاستيعاب تلك المواهب.
- تفوق عروض الجامعة ، وعروض مركز الإبداع على عروض المعهد العالى للفنون المسرحية بشكل لافت للنظر، بل وتفوق الأداء التمثيلى للموهوبين فى الفرق الحرة والجامعة ومراكز الإبداع والثقافة الجماهيرية على نظرائهم من طلبة معهدالفنون المسرحية.
- انسحاب واعتزال بعض الأسماء فى الحركة النقدية ممن أثبتت نفسها لجديتها وبعدها عن المجاملة والتوازنات والمصالح الخاصة، كاشفة النقاب عن أصحاب الأقلام النقدية ممن تبنوا أفكار هدامة مروجين لها بعدت بالمسرح عن جادة الصواب ، وأفقدته جمهوره ،ولكن للأسف هيمن الأدعياء مدعو النقد مزيحين النقاد الواعدين المبشرين الذين آثروا الإنسحاب والانزواء ومنهم من اعتزل المشهد تما يأسا وإحباطا.
- ماتزال نتائج مهرجانات المسرح بصفة عامة تفوح بالمجاملات والمتناقضات قلت أوكثرت، وتعتبر صدمة إبداعية تثير الملل والنفورلما تحويه من تناقض واضح فى حيثياتها ، وسمعة جوائزها ليست فوق مستوى الشبهات كمعظم الجوائز الإبداعية بشكل عام ، مما صغر وقلل من قيمتها فى نفوس المتابعين والمتسابقين ، ليكتفوا بمتابعة المهرجانات ككل بغض النظر عن النتائج المعلنة لما يشوبها من خلل واضح ، وغطرسة سلطوية.
- على الرغم من تفوق المسرح الجامعى إلا أن تعنت وعدم فهم أو اقتناع إدارات بعض الجامعات بأهميته يقف حائلا دون مشاركة طلاب تلك الجامعات بعروضهم فى المهرجانات.
- استمرار البيت الفنى للمسرح فى منح الفرص المتكررة لأصحاب الأعمال الفاشلة من مخرجين ومؤلفين مع حرمان الأخرين دون مبرر واضح.
- سوء التعامل مع نصوص كبار كتاب المسرح المصرى الراحلين بدعوى إضافة صبغة العصرية ، والنتاج ماهو إلا سخافات وسذاجات وتفاهات لاستضحاك المتفرجين ، مما يسلب العمل كثيرا من قيمته الفنية والفكرية .
- على كثرة المهرجانات المسرحية على مدار العام إلا أن المهرجان القومى للمسرح المصرى صارالنافذة الحقيقية للتعرف على حصاد أداء المسرح المصرى.
- تكاثر وتنامى أعداد الشباب المهتمين بالفن عامة ، والمسرحى خاصة ، على الرغم من عدم تنامى أعداد جماهير العروض المسرحية.
- مايزال هناك خلط مابين العروض المنوط بكل مسرح تقديمها ، فما يقدمه الشباب تقدمه الطليعة، والهناجر ، ومايقدمه الكوميدي يقدمه القومي والحديث .