إن ما تمر به البلاد من أزماتٍ، وما يحدق بها من تحدياتٍ، وما يحيط بها من تهديداتٍ، وما يعاني منه المواطن من نصب الحياة، يجعل المصريين أكثر تضافرًا وتماسكًا واصطفافًا خلف وطنهم لحماية أمنه، وبقائه مستقرًا وسط لهيب الحر وعلى مقربةٍ من عواصف الحروب والنزاعات، التي تزداد وطأتها يومًا تلو يومٍ، وتلك اللحمة التي يشاهدها العالم بأسره دلالتها قوة النسيج المصري الذي يقوى بقيم هذا المجتمع النبيل؛ حيث إن الولاء والانتماء وعشق تراب الوطن شعار أجياله المتعاقبة، وفي هذا المقام نذكر بأن الاصطفاف خلف الوطن أضحى واجباً وطنياً، يحقق نهضته، ويرفع من شأنه ورايته.
ولا ريب من أن الدولة المصرية تواجه العديد من الأزمات المتلاحقة، وتحاول بكل ما تمتلك من جهدٍ أن تتغلب عليها؛ بفضل الجهود المتواصلة للقيادة السياسية والحكومة، وأزمة الكهرباء جاءت نتيجة موجات الحرارة التي ضربت كثير من دول العالم، وسجلت أرقامًا غير مسبوقةٍ، مما أدي إلى استهلاك المزيد من الطاقة الكهربائية، وعليه يتم اللجوء لفكرة تخفيف الأحمال بصورةٍ مؤقتةٍ، والتي ستنتهي في القريب العاجل بمشيئة الله تعالى.
ومواجهة أزمة الكهرباء في العديد من الدول تأخذ مسار تخفيف الأحمال إلى أن تمر بسلام، وهذا الأمر لا شك أنه يسبب معاناة المواطنين والأسر المصرية في هذا الطقس غير المعتاد؛ لكن ينبغي أن ندرك بأن معدلات وضغط الاستهلاك أضحى زائدًا قد يضير بشبكة الكهرباء، ويؤدي لمشكلاتٍ جمةٍ نسأل الله السلامة والخروج من تلكما الأزمة على خير، وهذا يجعلنا أن ندرك نحن المواطنون آثار التغيرات المناخية التي تعد من المسببات الرئيسة في ارتفاع درجات الحرارة، ويجعلنا قدر المستطاع أن نرشد من استهلاك الكهرباء، وأن نتحمل الصعوبات والمشاق من أجل استمرارية الاستقرار وأمن وأمان الوطن الحبيب.
وينبغي أن يدرك الجميع مسئولية الحفاظ على الدولة وفرضية الاصطفاف خلفها في مواجهة التحديات والأزمات مهما بلغت؛ فلا نظير يقابل مصالح الدولة العليا، والتي تنبري على صيانة مقدراتها، وتجنب العبث بها؛ فهناك المغرضون الذين يبثون السموم ليل نهارٍ كي يبرزوا السلبيات وتقصير الحكومة والقيادة السياسية؛ فتتقد الأفئدة وتتوالى الصيحات نحو الخروج عن النظام، والغدو في طريق هدم كيان الدولة، وهنا نوقن تمامًا أنه لن يحدث؛ فالمصريون يمتلكون وعيًا رشيدًا ولديهم قيمًا خلقية في مقدمتها الولاء والانتماء وحب تراب الوطن؛ فقد مرت الصعاب والشعب العظيم في لحمة وتماسكٌ نحو دحر أغراض أصحاب الغايات الخبيثة والمآرب غير السوية.
وتقوم فلسفة الاصطفاف خلف مصلحة الوطن في تجاوز الأزمات ومنها أزمة الكهرباء على فكرةٍ رئيسةٍ تنسدل من مساعدة الدولة والقائمين على إدارة شئونها في إيجاد الحلول الناجزة والصحيحة، بعيدًا عن الضغوط التي تربط طبيعة العمل والتفكير مجتمعًا؛ ومن ثم بات التضافر المجتمعي والدعم الشعبي استراتيجية فاعلة في رسم رؤى صحيحة تقوم على جهودٍ مخلصةٍ من أجل التوصل إلى طرائق سليمة، في أزمتنا الحالية تلك، تبدأ بخفض تخفيف الأحمال، ووضع حلولٍ جذريةٍ لإنهاء الأزمة؛ فما يقلق المشككين وينغص عليهم حياتهم يتمثل في اتحاد الشعب مع مؤسساته الوطنية من أجل مواجهة التحديات والصعوبات والأزمات، كيف لا وشعبنا العظيم صاحب تاريخ وملاحم، ودومًا يسعى إلى الإعمار وينفر من الدمار والخراب ومن يحض عليه.
إن ما يشجع على قوة الاصطفاف خلف الدولة في كل وقتٍ وحينٍ تواجد القيادة السياسية في قلب الحدث دومًا؛ فقد وجه الرئيس الحكومة بإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء مهما كلف الأمر، وفي هذا إشارةٌ واضحةٌ تعبر عن حرص الجميع في الحفاظ على الوطن، ومن ثم فدعمه بات أمرًا قطعيًا من كافة فئات وأطياف الشعب المصري العظيم الذي أضحى وعيه عميقًا ومتجذرًا تجاه مصلحة البلاد المقدمة على كل شيءٍ.
والملاحظ على الأسرة المصرية أصيلة الطبع والطباع أنها تلتف على مائدةٍ واحدةٍ ؛ لتتناول هموم الوطن، وما نراه ونرصده في عمل الحكومة وقيادتها الحكيمة أن تحرص بشكلٍ مستدامٍ على طرح الرؤى والأطروحات التي من شأنها تُسهم في حل الأزمات مهما تعقدت وبدت شائكةً، أو تشكل معوقًا من معوقات التنمية في مجالاتها المختلفة، ونشير إلى أن كافة وجهات النظر وما يتم تداوله على الساحة المصرية عبر وسائل التواصل، أو من خلال المنتديات المباشرة سواءً أكانت منظمةً أم غير منظمةٍ، تصب جميعها في بوتقة الصالح العام؛ فلا مزايدة حول الإجماع في حب الوطن؛ لذا ستمر هذه الأزمة كغيرها من الأزمات وستتوالد الحلول التي تنهيها بفضل الله وجهودٍ مخلصةٍ لا تبتغي إلا مرضاة الله وعشق تراب الوطن وأمنه واستقراره؛ فالأوطان لا تباع ولا تشترى ولا نزايد عليها مهما بلغت الذرى.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بالقاهرة _ جامعة الأزهر