طيلة حياتي وأنا أعاني من صعوبة الإستسلام للنوم، ولا أنتمي لهؤلاء السعداء
أصدقاء الوسادة ،الذين حال وضع رؤوسهم عليها يذهبون في نوم عميق ، تباً من أي كوكب أتيتم !!
من ورائكم ! ومن يدعمكم ! وماهي جيناتكم السحرية هذه لتغطون بنعاس لذيذ في لحظات!! ،حتى لوكان ضوء الغرفة مشعا أو الشريك نكديا أو تعيشون في بلد صيفه يهديكم (تكِت) مجاني لدخول حمام ساونا يومي كالعراق مثلا!
ولأن نوم الظالم عبادة ، وهو رحلة لذيذة كذلك ،لتحقيق إحلام مستحيلة ،كأن تكون أمين عام الأمم المتحدة مثلا ،عمل ممتع ، تبتسم وتشجب وتستنكر ثم تقبض مرتبا رائعا إضافة لهيبة المنصب ، أو أن تجرب حياة ال(مواطن السعيد) في الحلم وأنت مستلقٍ على سريرك من موقعك في بلدان العالم الثالث اللطيفة ، أو أن ترى نفسك متزوجا من الأميرة دايانا أو الملكة فوزية أو نانسي عجرم الناعمة ،فتتذوق الأنوثة وحرارة الحب بينما ينام (الشويش عطية) أو (جبار الشقي) إلى جانبك بشعرها المنكوش والتسعين كيلوغراما التي خسفت جانب السرير فصار يعزف ألحانا زلزالية أثناء تقلبها عليه وهي تشعر بعدم الراحة ، وربما تكون أنت السبب في عدم راحتها أيها النكدي،أو بالتأكيد أنت السبب ،المهم ، أياً كان نوع أحلامنا ،لايهم ، فالأحلام لذيذة ،إنها وسائد تحتضن رؤوسنا المتعبة .
وهكذا ولأنني أطلب ودَ عصيّ ،قاسٍ، النوم البعيد المنال، رحت ابتلع الأقراص المنومة كل ليلة ، ثم اغرق في سبات أكثر متعة من سبات أصحاب الكهف وكلبهم.
وبمرور الوقت بدأت ألحظ زيادة كبيرة في وزني، حتى اصبحت في حالة مريعة ولم يعد زوجي يفرق بيني وبين دولاب ملابسه المربع .
وعندها اكتشفت الكارثة ، فقد كانت الأقراص المنومة بأعراضها الجانبية هي السبب .
ولأن النساء يرتعبن من زيادة الوزن رعبا يفوق فزعهن من الصراصير والسحالي، لذا امتنعت مباشرة عن ابتلاع أقراص الزفت هذه ، وعدت لعذابي الكبير أعد الخراف والبغال و إناث الصراصير العزباوات وعدد مَن وصل منهن لسن اليأس ،أعد الثقوب السوداء المكتشفة والتي لم تكتشف بعد ،أقرأ،أفعل الأفاعيل كي أكسب ود النعاس قليلا .
.ولأن أفكارنا تطلق موجات كهرومغناطيسية إلى الفضاء فتجذب لنا اشياءً مشابهة لما نفكر فيه بفعل قانون الجذب الكوني، فقد عثرت يداي على كتاب يحكي قصة عن قلة النوم ..ياللعجب!
تقول الحكاية إن الإتحاد السوفياتي اثناء الحرب العالمية الثانية اراد أن يكون جنوده اكثر كفاءةً وتحملا، فما كان منه إلا أن اوصى مجموعة من العلماء الروس بإيجاد حلا .
وهكذا اختار العلماء مجموعة من المساجين السياسيين الروس الذين كانوا يعتبرون معارضة، وساوموهم، إن وافقوا على تجربة النوم سيتم اطلاق سراحهم مباشرة بعد التجربة .
بدأت التجربة، فتم وضع المساجين المساكين الخمسة في غرفة مزودة بأجهزة حساسة لإلتقاط صوت التنفس ومايكريفونات حساسة جدا للصوت ونوافذ ذات زجاج سميك وهناك حمام ،ويُضخ لهم الطعام والأوكسجين عبر أنابيب وفتحات إلى داخل الغرفة .
ثم قاموا بضخ غاز خاص يمنع الانسان من النوم . وهو غاز (nikolayaev) نسبة إلى أسم مخترعه .
فالتجربة كانت تقتضي أن يمضي المساجين ثلاثون يوما دون نوم ولا حتى لثانية واحدة ،فإن نجحت التجربة، سيبدأ الإتحاد السوفييتي بضخ الغاز لجنوده.
مرت الأيام الخمسة الأولى على المساجين وهم في حالة جيدة يتسامرون ويأكلون ويقرأون الجرائد والكتب ،و في اليوم السادس حدثت حالة غريبة، فقد امتنع السجناء عن الكلام والحركة وبدأت المكريفونات تلتقط همهمات وهمسات غير مفهومة .
ثم في اليوم التاسع بدأ احد المساجين بالصراخ المرعب لمدة ثلاث ساعات متواصلة ، تخيلوا ثلاث ساعات من الصراخ المستمر!!
بينما بقية المساجين غير مكترثين له ومستمرين بالهمس والهمهمة ..وبعد ثلاث ساعات صمت الرجل الصارخ بعد أن أصيب بحشرجة في صوته ثم الفقدان التام للصوت ، بعدها بدأ رجل آخر بالصراخ ، ثم قام الرجال الخمسة بحركات مجنونة ومزقوا كل اوراق الكتب والجرائد وبللوها بالماء والصقوها على النوافذ، فلم يعد بإمكان العلماء مراقبتهم عبر النافذة .
وفي اليوم الثاني عشر صمتت كل الأصوات ولم تعد الميكرفونات تلتقط شيئا ،بينما أجهزة التحسس لصوت التنفس تظهر أن السجناء مازالوا يتنفسون وهم على قيد الحياة .
في اليوم الرابع عشر لم يطق العلماء صبرا على هذا الصمت، فقرروا فتح باب غرفة السجناء وقد حدث مالايمكن تصوره حينها.
عند فتح الباب كان المنظر بشعا ومرعبا وأحد العلماء سقط مغشيا عليه من هول المنظر.
فقد كان السجناء مصابون بجروح بليغة وبعض احشاءهم متدلية إلى الخارج وهم منقضين على انفسهم يأكلونها ، وذاك الرجل الذي كان يصرخ لثلاث ساعات تبين إنه كان يحاول إخراج حنجرته من جوفه فأصيب بنزيف شديد ومات ثم بدأ بقية المساجين بإلتهامه.
وفي معركة ضروس بين حراس السجن والمساجين (فئران التجارب) ،تم اخيرا النجاح في اخراج المساجين ونقلهم إلى المستشفى حيث كانوا يرفضون الخروج من الغرفة بشدة.
وفي المستشفى كانوا يرفضون النوم واخذ الحقن المخدرة ويستمتعون بخياطة جروحهم بدون تخدير ..يستمتعون بالألم!
وإلى هنا وتم التكتم على الخبر فلم يعرف أحد مصير هؤلاء الرجال وماحل بهم .
معروف علميا عن انعدام النوم insomnia ,إنه يصيب الإنسان بهلاوس سمعية وبصرية ،وربما ماحدث للمساجين هو بسبب استنشاقهم لغاز (nikolayaev) المانع للنوم، وبما فيه من كوارث مبطنة.
وحين أكملت قراءة القصة بدأت ارتجف رعبا من أن أتحول إلى آكلة لحوم البشر cannibal ، من قلة النوم وانقض على قضم يدي أو قدمي أو ساق أحد أولادي.
لكن ذلك الخوف أثقل جفني وشعرت بخدر لذيذ يسري في جسدي ثم رحت في سبات عميق وبلاوعي ولا تخطيط مسبق.
وحين استيقظت صباحا أفيض نشاطا بعد أربعة ساعات من النوم المتواصل ، اكتشفت بأنني وجدت حلا لمشكلتي .
وهو أن اقرأ قصة مرعبة فأرتجف ،أو أقلب برنامج ال (تيك توك) قبل النوم ،فأشاهد بشرا قد استكلبوا أو تحولوا إلى ثيران أو قرود عاكسين نظرية داروين في التطور ، فأصاب بالدوار مخلوط بالفزع ، وأجدني رحت في سابع نومة مستغنية عن الأقراص المنومة اللعينة ، وأنا في أمان من أن يخلع لي زوجي كتفي يوما وهو يمد يده ليفتح درفة دولاب ملابسه المربع،معتقدا بأنني هو ، بعد الشبه الكبير الذي حصل بيننا مؤخرا .