سيظل العقل البشري قاصرا أو عاجزا عن اكتشاف الاسرار الكاملة أو الكامنة في شخصية صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفية إعدادها على هذا النحو أو النموذج غير القابل للاختراق أو الهدم مهما بلغت قوة وبجاحة المتطاولون والراغبون في النيل منهم أو المساس بشخصيتهم من اي طريق مهما تعددت محاور الهجوم ومهما استعرت الرغبات المحمومة والضربات المسمومة على مر التاريخ ..
هذا الصمود الصحابي معجزة بكل المقاييس ويفتح المزيد من الأبواب نحو دراسات جادة ومتعمقة عن كنه صناعة صحابة رسول الله وكيف تمت عملية الإعداد ولماذا فشلت كل محاولات التشويه في كل عصر.. وايضا على الجانب المقابل لماذا عجز الفكر الاسلامى عن قراءة واستنطاق وقائع التاريخ التى سجلها بأحرف من نور في تلك العلاقات الفريدة سواء بين الرسول والصحابة أو بين الصحابة والصحابة ثم علاقات التابعين وتابعي التابعين حتى يومنا هذا وحتى قيام الساعة..
وعلى كثرة ما كتب عن الصحابة والرجال حول الرسول واسد الغابة في تاريخ الصحابة وما سطره كبار المؤرخين وإعلام فنون التراجم والسير فإن الأرض الثقافية لا تزال عطشى لمعرفة المزيد والاستزادة من الانوار الكاشفة لمشاعل النور وحاملي رايات الهداية للبشرية..
على الاقل وعلى وجه السرعة نحتاج إلى قراءة عصرية تستلهم روح العصر وتجدلها مع تلك القيم السامية التى حملهاء هؤلاء ورثوها وتوارثوها وحافظوا على الأمانة بيضاء تقية نقية من كل دخن ودخل ..
لاتزال الاسرار كامنة وان كان وميضها لايزال مبهرا ولا تتوقف عن ارسال الإشارات يلتقطها أولو النهى وأصحاب الحجى ويترنح أمامها أصحاب الهوى والغرض..
فكثير من قواعد الحصانة الإلهية لهؤلاء الصحابة لم ينتبه إليها الساخطون على الصحابة والكارهون لهم ومن احترفوا التشكيك والتدليس وتزييف الوعي والعبث بالعقول وأبسطها واوضحها ما قرره الله تعالى بشأنهم بوضوح وبلا أدنى مواربة ولم يترك أي مجال للتأويل والتفسير وهو ما جاء في قوله تعالى:(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)..وهواقرار للحال في الماضي والمستقبل ايضا وان الامر يشمل أيضا التابعين وتابعي التابعين ومن اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين.. وحاشا لله أن يكون الأمر كذلك ويتصور حاقد أو جاهل أو متعالم علماني أو ملحد أن ينال من هذه السلسلة الذهبية الحصينة..
تكررت الجملة العظيمة (رضى الله عنهم ورضوا عنه)في القرآن في أربعة مواضع جزاء للصادقين ولمن اتبع المهاجرين والأنصار بإحسان ولمن أحب في الله وأبغض فيه ولمن آمن وعمل صالحا.ولهم جنات تجري من تحتها الانهار(خالدين فيها أبدا)و(ذلك الفوز العظيم)..إلا أية سورة المجادلة جاءت بدون (أبدا)
يكفي أن تقرأ الآيات بتدبر ستجد نفسك انطلقت إلى عالم آخر لن تتمالك نفسك معه وفيه من سطوة الجمال وسطوع النوارانيات والظلال الوارفة من الأمن والسكينة وراحة البال وسيفيض الدمع حزنا على ما فرطت في جنب الله..
وفي ظلال آيات الرضا يطرح البعض اسئلة مهمة منها إذا كان العبد حقا في حاجة إلى أن يعلم رضوان الله تعالى عليه لأنه غاية أمانيه ،كما قال تعالى : ذلك الفوز العظيم.فهل من حق العبد أن يسأل عما إذا كان هو راضيا عن الله أم لا ؟!
أجاب بعض العلماء:إنه ليس من حقه ذلك قطعا فيكون الإخبار عن ذلك بلازم الفائدة وهي أنهم في غاية من السعادة والرضى فيما هم فيه من النعيم إلى الحد الذي رضوا وتجاوز رضاهم حد النعيم إلى الرضى عن المنعم.
**قال ابن أبي ليلى: الناس على ثلاثة منازل: المهاجرون، والذين تبوَّؤوا الدار والإيمان، والذين جاؤوا من بعدهم. فاجهد ألا تخرج من هذه المنازل. وقال بعضهم: كن شمسًا، فإن لم تستطع فكن قمرًا، فإن لم تستطع فكن كوكبًا مضيئًا، فإن لم تستطع فكن كوكبًا صغيرًا، ومن جهة النور لا تنقطع. ومعنى هذا: كن مهاجريًا. فإن قلت: لا أجد، فكن أنصاريًا. فإن لم تجد فاعمل كأعمالهم، فإن لم تستطع فأحبهم واستغفر لهم كما أمرك الله.
وروى مصعب بن سعد قال: الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان وبقيت منزلة؛ فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت.
اللهم اجعلنا ممن رضيت عنهم ورضوا عنه..
والله المستعان..