أولوية هذه الجمعة “مراحل العلم” … لقد إجتهد العلماء والفلاسفة فى تقسيم مراحل العلم فمنهم من تناولها فى مرحلتين ومنهم فى ثلاث أو أربع وكل منهم يفسر طبقا لمجاله العلمى … والخلاصة التى تتناسب معنا فى هذا العصر أن العلم خمسة مراحل تتدرج تصاعدياً بدقة وحرفية ( المعرفة – التدريب – الممارسة – الخبرة – الحكمة ) .
فالمرحلة الأولى (المعرفة) تشمل دراسة وتحصيل مختلف المعلومات المتعلقة بمجالك ، ويغلب عليها الطابع النظرى حتى لو وصلت لنهاية الدراسات العليا … وهنا قد يظن البعض أنه أعلم الناس (رؤية العلم والذات) .
والمرحلة الثانية (التدريب)وتكون على يد مُعلم ويغلب عليها طابع البحث والدراسة والتكرار حتى إتقان العمل … وهنا سوف تتيقن أنه فاتك الكثير من العلم (رؤية العلم بدون الذات) .
أما المرحلة الثالثة (الممارسة) تؤدى العمل بمفردك وسوف تتعرض للعديد من الصعوبات ، ويغلب عليها طابع كثرة الإستفسارات من الغير ، ومحاولة كسب مزيد من العلم (رؤية التطلع مجدداً إلى العلم) .
والمرحلة الرابعة (الخبرة) وتصل إليها عندما تبدع وتخرج بجديد فى مجالك ، ولا تسأل غيرك بل يسألك الآخرون … وبالوصول لهذه المرحلة سوف تُوقر العلماء ، وستعلم أن ما تجهله يشكل أضعافاً مضاعفة مما تعلمه ، فيغمرك التواضع ، لأنك أيقنت أن العلم بحر واسع لا سواحل له (رؤية نور طريق العلم) .
أما المرحلة الخامسة والأخيرة (الحكمة) فلا يصل إليها إلا قليل القليل من البشر ، وهى التحرك بذهنك فى الماضى لإستخلاص ما يناسب الموقف الحاضر وإستشراف المستقبل والخروج بقرار غير نمطى ، إيجابياته تتغلب بحرفية على سلبياته ، ويعم النفع العام ، والخير على مديات زمنية متتالية ، قريبة ومتوسطة وبعيدة … وهنا ستتواضع أكثر وأكثر ويقل حديثك مع الناس ، وتزداد خشيتك لله سبحانه وتعالى (رؤية حكمة العلم رغم قلة تعلمك) .
بسم الله الرحمن الرحيم
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
صدق الله العظيم ( 269 البقرة ) .