ثم إني..
عدتُ من تلك الحرب الشرسة..
منبوذا..
لا يحسنُ الرفقة..
ولا يصلحُ أن يكونَ محضَ رقمٍ بين الجموع..
وها أنا، عدت من عزلة بين الرفاق..
إلى تلك الوحدة..
لا أعرف إن كانت تسرني النجاة..
أم يقتلني ذلك العدم؟!..
لا أعرف..
إن كانت العودة من هناك، انتصارا يستوجب السعادة..
أم انكسارا يفرض البكاء؟!..
يليه..
وبعضُ الجروح تحفرُ في القلب شرخا..
لا ترممه كل محاولات النهوض مجددا..
وتظل الدموعُ حليفك الوحيد..
ويظل الحزن أوفى من يحلُ بك..
وأوفى من يظل معك..
حين يخلو الليل ممن أحببته لأجلهم..
من تلك الضحكاتِ القديمة، وتلك الملامح..
وتلك الوجوه التي تمنيتَ بقاءها..
ووقفتَ طويلا تلهجُ بالدعاء، أن يظلَ أصحابُها بخير..
فكان الخير الذي طلبوه،،،
أن ينجبَ الدعاءُ رحيلا..
بلا وداع..
….وبلا عودة..
يليه..
ثم يقسم لك الليل، ألَّا يخيب ظنك..
كاذب هو..
فلن يلبث إلا قليلا، ثم يحمل متاعه ويمضي..
وكالعادة..
خيَّبَ ظنك كما فعل الآخرون..
وما الغريب في الأمر؟!..
منذ متى كان الليل صالحا؟!..
وفي جوفه كل هذه القسوة..
وكل هذا الغموض؟!..
منذ متى، جاء الليل يحمل معه ما يطيب جراح الهوى؟!..
الليل يا صديقي..
لا يحسن إلا أن يشعل قلبك..
ويشعل فتيل الأسئلة..
يعرف جيدا كيف يقتنصك..
ومن أين يفعل..
ثم يطالعك بوداعته المعهودة..
كأنك المذنب..
وهو البالغ منتهى منتهى البراءة..
ذلك الليل يا صديقي..
يعرف كيف يرديك حين تمد يديك..
فتعودان بكل هذا الفراغ..
وبكل هذا الإثم..
إثم الحنين..
إثم الاشتياق..
……وإثم الوفاء..
ثم تعود إلى الجموع..
يتصفحك النسيان جيدا..
يبحث فيك عن ضحية..
عن هوية..
عن رداء لا يرهقه..
عن المكان..
عن الزمان الذي مضى..
عن تلك الأسماء الكبيرة..
عن ضخامة الكلمات..
وعن فراغ المعنى..
عن ذلك السيل المجهول من الوجع..
لا تعرف من أين نبت..
أو متى ينتهي؟!..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..