ورد في القانون العديد من الأحكام المشتركة التي تتعلق بحرية المدين في التصرف بعد افتتاح الإجراءات الواردة في القانون، ويظهر توافق هذه الأحكام مع الفقه الإسلامي، باستثناء المنع من المقاصة بين الديون إن كان المدين غير مفلس، إلا أن منعها أيضًا يتفرع عن منع المدين من الوفاء بديونه، وقد ذكرت جوازه وإن كان غير مفلس لوقوعه في دائرة السياسة الشرعية.
2- ورد في القانون العديد من الأحكام المتعلقة بممارسة الدائنين المرتهنين والممتازين لحقوقهم، وأكثر هذه الأحكام متوافق مع الفقه الإسلامي، باستثناء ما ذهب إليه القانون من جواز اعتراض المدين والأمين على تنفيذ الدائن على الضمان، وجواز استبدال الضمان المقدم للدائن بضمان بديل، وقيد الباحث جواز استبدال الضمان بتحقق الضرر البالغ بالمدين، ووجوب عرض ضمان بديل لا يقل في قيمته عن الضمان القائم، وقد ذكرت التعديل المناسب.
3- ورد في القانون العديد من الأحكام المتعلقة باسترداد أموال الغير من المديونية، ويظهر توافق هذه الأحكام مع الفقه الإسلامي، وسواء كان المدين مفلسًا أو غير مفلس؛ إذ صاحب الوديعة لا يتقيد استرداده لماله بفلس المودع.
4- جعل المقنن استرداد البائع للمبيع من المشتري المفلس حكمًا مشتركًا في القانون، ويظهر أن المشتري إن لم يكن مفلسًا فلا يحق للبائع الرجوع؛ إذ يمكن الوصول إلى الثمن، كما منع المقنن من استرداد المبيع إن دخل في حيازة المفلس مخالفًا بذلك قول جماهير الفقهاء عدا الحنفية، وقد ذكرت التعديلات المناسبة.
5- أجاز القانون للمدين صاحب المشروع الصغير أو المتوسط أن يتقدم بطلب إبرائه من بقية المديونية بعد انتهاء التفليسة، وهو ما أراه إجحافًا بحق الدائنين، وقد ذكر الفقهاء بقاء الدين في ذمة المفلس بعد فك الحجر عنه.
أن يتصرف تصرفًا نافعًا نفعًا محضًا كقبول الهبة والدخول في الإسلام وهذا ينعقد وينفذ ولو لم يُجِزْهُ الولي. أن يتردد بين النفع والضرر كالبيع والشراء فإنه يصح إذا أذن له وليه بذلك ولا يصح بدون إذنه يتم الحجر على المدين المفلس من الحاكم إذا طلب ذلك غرماؤه أو بعضهم؛ حتى لا يلحق بهم ضرر بضياع حقوقهم، وأن تكون تلك الديون حالَّةً لا يفي ماله بها، ويستحب أن يظهر الحجر عليه؛ ليتجنب الناسُ معاملتَه ويترتب على الحجر عليه أربعة أحكام:
١ – تعلق حقوق الغرماء بعين ماله.
٢ – منع تصرفه في عين ماله أما قبل الحجر فتصرفاته جائزة.
٣ – أن للحاكم بيع ماله وإيفاء الغرماء فيبدأ بمن له رهن فيدفع له الأقل من دينه أو ثمن رهنه وله أسوة الغرماء في بقية دينه.
٤ – أن من وجد عين ماله عنده فهو أحق بها من سائر الغرماء، إذا كانت السلعة باقية بعينها لم يتلف منها شيء ولم تزد زيادة متصلة، وألا يكون البائع قد قبض من ثمنها شيئًا، وألا يتعلق بها حق الغير كهبتها أو حق شفعة ونحو ذلك.
ومن حق المفلس النفقة له ومن تلزمه مؤنته بالمعروف من ماله، ولا يباع مسكنه الذي يحتاجه لسكناه.
يقتضي الكلام عن هذه الوسيلة من وسائل المحافظة على الضمان العام الخوض في المسائل الاتية :اولاها : التعريف بالصورية ,وثانيها :نطاق الصورية ,ثلثها : انواع الصورية,ورابعها:لشروط تحقق الصورية ,وخامسها:لاحكام الصورية.
الحق في الحبس للضمان
نص المشرع العراقي على هذه الوسيلة من وسائل المحافظة على الضمان العام في المواد(282,281,280) وتناول وسيلة الضمان هذه يقتضي التعرض لاساس الحق في الحبس وطبيعته وخصائصه , وبيان شروط نشوءالحق في الحبس,واثار الحق في الحبس,واخيرا انقضاء الحق في الحبس.
نظم المشرع العراقي الاعسار المدني بنظام استمد تسميته وبعض احكامه من الفقه الاسلامي واقتبس أحكامه الاخرى من القانون المدني المصري,وهذا النظام هو الحجر على المدين المفلس, وافرد له في تقنينه عشر مواد وهي المواد(270-279),وللوقوف على احكام هذه الوسيلة من وسائل الضمان ,نتناول دعوى الحجر والحكم به ,وسلطة القاضي في الحكم وشهر الحكم والطعن فيه,والاثار المترتبة على الحكم بالحجر, وانتهاء الحجر.
من المتفق عليه أنه مهما زادت ديون المدين المؤجلة عن أمواله فلا يعتبر ذلك اعساراً وأن القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية أخذت بالإعسار القانوني أى زيادة ديون المدين الحالة والمستحقة الأداء عما لديه من الأموال .
لذلك فإنه لا يترتب على الحكم بشهر الإعسار حلول الديون المؤجلة؛ ولكن يترتب فقط سقوط الأجل؛ بحيث لا يستطيع الدائن صاحب الدين المؤجل أن يطالب مدينه فى الأجل المحدد والذى سقط بموجب حكم الإعسار اللهم إلا إذا كان الدين حل فى أثناء نظر دعوى الإعسار وقبل قسمة أموال التصفية ففى هذه الحالة تصبح ديونا حالة ويدخل الدائن مع الآخرين فى قسمة الغرماء، فتقسم حصته فيما بينهم حصيلة التصفية محاصة؛ أى كل بمقدار حصته فى الدين، وليس للدائن بعد ذلك متابعة المدين وحبسه وذلك على عكس الحال فى الإفلاس التجارى حيث يعين للمفلس مصفيا يدعو جميع الدائنين إلى تقديم مستنداتهم ويتولى تحصيل ما للمدين من ديون قيد الآخرين والتحقق من الديون الموجودة عليه والذى ينتهى إما بالصلح، أو بإنفإذ تقسيم التصفية أيضا قسمة غرماء وليس لهم بعد ذلك شئ عند المدين.
اذا ترتب الالتزام في ذمة شخص فالأصل ان يقوم بتنفيذ التزامه اختياراً , وبعكسه فإن للدائن ان يستخدم حقه في اللجوء الى التنفيذ الجبري , الا ان التنفيذ يبدو عديم الفائدة اذا لم يسعف القانون حق الدائن بضمان معين , وان هذا الضمان اما ان يكون عاما يشترك فيه جميع الدائنين , ويشمل جميع اموال المدين , او يكون الضمان خاصا يختص به احد الدائنين , فيقع على مال معين للمدين .
وان للدائنين العاديين حق الضمان العام على جميع اموال مدينهم , الا ان هذا الضمان لا يخول الدائن العادي حق افضلية في التقدم على غيره , كما انه لا يخول الدائن العادي حق تتبع ما يخرج من ملك المدين من مال , واخيرا فانه لا يخول الدائن العادي حق التدخل في ادارة اموال المدين والتصرف فيها , الأمر الذي حدى بالمشرع الى ان يقرر وسائل قانونية معينة على الضمان العام .
وتختلف الوسائل المقررة على حق الضمان العام بين وسائل تحفظية ووسائل تمهيدية ووسائل تنفيذية , فبالنسبة للوسائل التحفظية فإنها على نوعين , وسائل يتخذها الدائن بالنسبة الى حقه الذي يريد التنفيذ به أي يتخذه في ماله , ووسائل يتخذها بالنسبة الى اموال المدين حتى يحافظ عليها من الضياع , الا ان جميع هذه الوسائل التحفظية هي اجراءات وقائية ولا تمكن الدائن من استيفاء حقه .
وبالنسبة الى الوسائل التمهيدية فإنها تهدف الى حماية حقوق الدائنين وتسهيل استيفائها , وقد ذكر المشرع العراقي في تقنينه المدني خمسا منها , هي دعاوى ثلاث واجراءان , اما الدعاوى الثلاث فهي الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرفات , ودعوى الصورية , واما الاجراءان فهما الحجر على المدين المفلس , والحق في الحبس للضمان , الا ان الالتجاء الى هذه الوسائل لا يكون الا بعد اعسار المدين اضافة الى ما تتطلبه في من شروط وما تستغرقه من وقت .
وبالنسبة الى الوسائل التنفيذية فهي وسائل يباشرها الدائن استعانة بالسلطة العامة لاقتضاء حقه , وقد قرر قانون التنفيذ اربعة وسائل تنفيذية تتمثل في كل من الاستعانة بالشرطة ومنع المدين من السفر والحبس التنفيذي والحجز على اموال المدين , وبالرغم من كل هذه الوسائل التنفيذية التي يمنحها القانون للدائنين العاديين الا انهم لا يزالون معرضين لأن يفقدوا بعض حقوقهم قبله ولا بد لهم من ضمانات خاصة تجنبهم هذا الخطر ,
فظهرت التأمينات الخاصة في صورتها الشخصية ثم العينية وتتمثل التأمينات الشخصية بضم ذمة او اكثر الى ذمة المدين الأصلي , وهناك اكثر من صورة للتأمينات الشخصية , كما في تضامن المدينين وعدم قابلية الالتزام للانقسام , الا ان اهم صور التأمينات الشخصية هي الكفالة , الا انها لا توفر للدائن ضمانا كافيا يكفل له الحصول على حقه اذ ان خطر اعسار الكفيل يظل قائما الى جانب خطر اعسار المكفول, وتتمثل التأمينات العينية بتقرير حق عيني تبعي على مال معين ويكون للدائن تتبع هذا المال في أي يد كان لينفذ عليه بالحجز ثم البيع , ويستوفي دينه من ثمنه بالأولوية على الدائنين الآخرين , وتنظم التأمينات العينية جميعا فكرة واحدة وهي فكرة الرهن ضمانا لوفاء الدين , فيكون هذا الرهن بمقتضى اتفاق في حق الرهن , وبمقتضى نص القانون في حقوق الامتياز .–
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا