كتب – عادل البكل
دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء يوم الإثنين في الرباط إلى “وقف فوري للهجمات في غزة ولبنان”، وذلك في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى المغرب والمقررة من يوم الإثنين وحتى 30 أكتوبر تشرين الأول.
وقال بيان للديوان الملكي المغربي إن الرئيس الفرنسي “أشاد بالدور البناء الذي يضطلع به العاهل المغربي، رئيس لجنة القدس، في خدمة السلم في الشرق الأوسط ودعا قائدا البلدين إلى وقف فوري للهجمات في غزة ولبنان، مع تأكيدهما على أولوية حماية السكان المدنيين، وأهمية ضمان وتسيير وصول المساعدات الإنسانية الكافية، مع وضع حد لتأجيج الوضع على المستوى الإقليمي”.
كما لفت الزعيمان إلى ضرورة الإسراع “لإعادة إحياء مسلسل السلام في إطار حل الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة، على حدود الرابع من يونيو حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأعد العاهل المغربي استقبالا حافلا للرئيس الفرنسي مساء يوم الإثنين، ووصف مراقبون الزيارة بالهامة خاصة وأنها تأتي بعد تحسن العلاقات بين البلدين، وذلك بعد أن أيدت فرنسا في يوليو تموز الماضي المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، واعتبرت المقترح “الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية”.
ويعتبر النزاع حول إقليم الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في أفريقيا، إذ ضم المغرب المنطقة إليه في عام 1975 بعد انسحاب إسبانيا منه، لتتأسس بعد عام جبهة البوليساريو التي حملت السلاح في وجه المغرب مطالبة بانفصال الاقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات والذي يعتقد أنه يضم أيضا احتياطات نفطية.
ويأتي الاعتراف الفرنسي، الذي أغضب الجزائر حليفة البوليساريو، بعد أزمة دبلوماسية بين المغرب وفرنسا بسبب هذا النزاع وبسبب قضايا تتعلق بالهجرة.
وقال الديوان الملكي يوم الإثنين إن المباحثات تناولت “مرحلة جديدة للعلاقات القوية بين المغرب وفرنسا، في إطار شراكة استثنائية متجددة، وخارطة طريق استراتيجية للسنوات المقبلة”.
وفي تكريم نادر لضيف أجنبي، حضر الملك محمد السادس، وهو يمشي متكئا على عصا، لاستقبال ماكرون وزوجته بريجيت في المطار يوم الاثنين، قبل حفل لتوقيع اتفاقيات في القصر الملكي.
وأعلن البلدان يوم الإثنين عن توقيع 22 اتفاقية تتعلق بمجالات مختلفة، على رأسها السكك الحديدية والهيدروجين الأخضر وتحول الطاقة والتنمية المستدامة والتعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى قطاعات الماء والزراعة والاستثمار والتعاون الثقافي والصناعات الإبداعية.
ويسافر ماكرون برفقة عشرة وزراء ونحو 40 من رجال الأعمال.
وحصلت فرنسا على صفقة المكتب الوطني للسكك الحديدية في المغرب وشركة ألستوم الفرنسية لشراء 12 عربة قطار عالية السرعة وخيار لشراء ست عربات أخرى حيث يسعى المغرب إلى توسيع خط قائم جنوبا إلى مراكش بحلول عام 2030.
كما وقعت شركتا الطاقة الفرنسيتان إنجي وإليكتريسيتي دو فرانس
(إي.دي.إف) صفقات للتوسع في قطاع الطاقة المتجددة، بينما وقعت توتال إنرجيز صفقة بشأن الهيدروجين، لكن لم يكشف عن قيمة الصفقات على الفور. كما أعلنت شركة الشحن سي.إم.أيه-سي.جي.إم عن استثمارات في ميناء مغربي.
وقال مسؤولون فرنسيون إن العقود لكلا الجانبين تبلغ قيمتها أكثر من 10 مليارات يورو (10.8 مليار دولار) بشكل عام لكنهم لم يكشفوا عن تفاصيل دقيقة.
ويعد المغرب الشريك التجاري الأول لفرنسا في شمال إفريقيا، وتعد فرنسا أيضا الشريك التجاري الأول للمغرب، إذ تمثل أكبر نسبة من الصادرات والواردات.
وبلغت قيمة التبادلات التجارية بين البلدين في عام 2023 حوالي 14.1 مليار يورو بزيادة خمسة بالمئة مقارنة بعام 2022.
ومثلت الاستثمارات الفرنسية في المغرب 8.1 مليار يورو في عام 2022 إذ تعد أكبر مستثمر أجنبي في المغرب.
وتمتلك فرنسا أكثر من 1000 شركة تعمل في المغرب مما يوفر حوالي 150 ألف وظيفة مباشرة.
وتأمل فرنسا أيضا أن تحل الزيارة التوتر بشأن الهجرة، وهي قضية مهمة جدا في فرنسا، حيث تتعرض الحكومة لضغوط من الأحزاب اليمينية لإعادة المزيد من المهاجرين غير المرغوب فيهم إلى دول مثل المغرب.
وفي عام 2021، قررت باريس خفض عدد التأشيرات التي تمنحها للزوار من شمال إفريقيا بشكل كبير، في محاولة للضغط على هذه الدول لتسهيل عودة هؤلاء المهاجرين.
وقد أغضبت هذه السياسة المغرب بشدة، وأنهت فرنسا في نهاية المطاف القيود على التأشيرات في عام 2022.