قال لي: يا بنت لا تقتربِي
جنةٌ محفوفةٌ باللهبِ
رحتُ ألهو، جمرةً في جمرةٍ
دُسْتُهَا عبر اللظى المُنسكبِ
كان نورٌ حول ذاتي عاصمًا
مثلَ ثلجٍ ذائبٍ في السحُبِ
أمطرتْ والريحُ تشدو دمعهَا
وانجلى غيبٌ وراءَ الحجبِ
ذقتُ من أسرارِه أنوارَه
قال كوني دهشةً في الكتبِ
شُفت ياما شُفت، بوحي عاجزٌ
والرؤى ما بينَ وحيٍ ونبِي!
وتجليتُ نعيمًا سرمدًا
وخيالا غارقًا في العجبِ
عدت ما في الأرض شيءٌ هزني
لا تساوي نظرةً في الطلب
ليس فيها غيرُ وهمٍ بائدٍ
أيُّ آمالٍ ببيتٍ خربِ
أهلها أسرى سرابٍ زائلٍ
ومبيتِ العابرِ المغتربِ
ليس فيها راحةٌ،من كبدٍ
لم أفز منها بغير التعبِ
رغوةَ البحر التي أثمرها
ثورةً في موجه المضطربِ
وهدوءا لم ينل صاحبُه
غير نومٍ في سرير الصخبِ
كيفَ أغرتْهُم بوصلٍ صدقوا
وتمادوا خلفها في الكذبِ
إنها حربٌ بلا أسلحةٍ
واحتدامٌ سيفه من خشبِ
ولعوبٌ أتقنت زينتهَا
لوحتْ ثم انحنوا للذهبِ
لم يمتْ من غَضَّ عنها باسلًا
باسمًا في موته المقتربِ
ليس بعد الموت إلا أبدٌ
وحياةٌ ما بها من نَصبِ
قال لي يا بنتُ لا تقتربِي
قلتُ قلبي جذوةٌ من غضبِ
فانتظرني عند فجرٍ قادمٍ
وارتقبني قال لي فارتقبِي.