كان أفضل توصيف سمعته عن الحالة الدولية فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة والضفة ولبنان والمستمر منذ أكثر من عام هو ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته الإفتتاحية فى القمة العربية الإسلامية غير العادية، التى عقدت فى الرياض يوم الاثنين الماضى، حينما وصف الحالة الدولية بـ«الصمت المخجل والعجز الفادح»، مما أدى إلى فشل المجتمع الدولى فى القيام بالحد الأدنى من واجباته فى مواجهة هذا التهديد الخطير للسلم والأمن الدوليين.
هذه الحالة الدولية «المزرية» أدت إلى إيجاد حالة من الإحباط لدى الشعوب العربية والإسلامية وكل الشعوب المحبة للسلام فى العالم، مما يجعل البعض يطالب بخطوات راديكالية عنيفة تجاه هذا العدوان الإسرائيلى، وما يصاحبه من صمت مخجل، وعجز دولى فادح.
كان ولايزال الهدف الرئيسى لذلك العدوان هو تصفية القضية الفلسطينية، وضم غزة والضفة إلى إسرائيل، كما فعلت من قبل فى القدس الشرقية، ومن هنا كان الموقف المصرى الواضح جدا فى هذا الإطار منذ أول لحظة، وهو رفض تصفية القضية تحت أى مسمى باعتبارها قضية العرب المركزية الأولى، وقضية أمن قومى استراتيجى مصرى.
بعد العدوان الإسرائيلى بثلاثة أيام فقط، وبالتحديد يوم 10 أكتوبر 2023، وفى احتفال تخريج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة فضح الرئيس عبدالفتاح السيسى المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية قبل الإعلان عنه، ونجحت مصر فى فضح الأكاذيب الإسرائيلية بأن عدوانها ما هو إلا رد فعل على طوفان الأقصى.
مازالت كلمات الإمام الأكبر شيخ الأزهر ترن فى أذنى حينما وقف وتحدث عن الضرر الأصغر، والضرر الأكبر، واصفا تصفية القضية الفلسطينية بالضرر الأكبر الذى يجب التصدى له حتى لو كان هناك ضرر أصغر. من هنا جاء الموقف المصرى متوازنا وقويا، فالاندفاع والشطط أمور كارثية لها عواقب كارثية على الدولة المصرية والشعب المصرى، لأن مثل هذه الأمور لابد أن تحكمها النظرة العقلية لرئيس الدولة، التى تطبق قاعدة المصالح والمفاسد والموازنة بينها عند التعارض.
عند احتلال القدس فى الحرب الصليبية لم يتم استردادها بالشعارات ولا الخطب، وإنما تم استردادها حينما قام نور الدين محمود زنكى بتأسيس دولة قوية فى مصر، ليقوم بعد ذلك صلاح الدين الأيوبى باستكمال المشوار وتحقيق النصر المبين على الصليبيين واستعادة القدس بعد 88 عاما من حكم الصليبيين.