تطل الشام من بوابة التاريخ بوجه غير عابس، إرهاصاً لدحر فتنة عربيد عابث..
والشام نواح أربعة الأردن ولبنان، وسوريا وفلسطين.. والأخيرتان هما عقل الشام ونبضه، ولؤلؤة أمجاده، وميادين الجهاد، وينابيع أركانه… فسوريا وحاضرتها دمشق، وفلسطين وفلذة كبدها القدس، يمثلان جل تاريخ الأمة منذ الفجر وإلى آخر الدهر… وإذا كان الطواف على الشام كلها فلها مناديح الفخر، في جمة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم منها ما رواه أحمد وغيره : إذا فسدَ أَهْلُ الشَّامِ فلا خيرَ فيكم : لا تَزالُ طائفةٌ من أمَّتي منصورينَ لا يضرُّهم من خذلَهُم حتَّى تقومَ السَّاعةُ… فكأن مقياس الأمة معقوداً ميزانه في أرض الشام…. وبالمماهاة مع حديثين آخرين في فضل الشام رواه الترمذي بسند صحيح : يا طوبَى للشَّامِ يا طوبَى للشَّامِ يا طوبَى للشَّامِ ، قالوا يا رسولَ وبم ذلك قال : تلك ملائكةُ اللهِ باسطوا أجنحتِها على الشَّامِ..
وحديث عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده. رواه أبو داود وأحمد بسند صحيح…
وأما دمشق فهي فيحاء التاريخ، التي قالوا عنها أنها ولدت قبل بغداد والقاهرة ولندن وباريس، وعقر دار الخلافة الأموية، ومعقل المسجد الأموي العتيق، وموعد نزول عيسى روح الله وكلمته، عند المنارة الشرقية ليقتل المسيخ الدجال على باب اللُد ( كلٌ في دمشق )…
ويتوهج الحرف الدمشقي في شعر شوقي :
[ لولا دمشق لما كانت طليطلة – ولا زهت ببني العباس بغدان
توشك أن تمحى محنة سوريا عتيقة الشام، بهلاك بشار وزبانيته في الوبال، فتتنفس سوريا، وتمد شريانها لجاراتيها وأختيها لبنان وفلسطين، فتندمل الآلام، ويتعضد الجهاد وتتبوتق الآمال، وتنتقل الحمية إلى كل الأمصار والأقطار الناطقة بالإسلام… …
الشام هي وعاء المجاهدين قديماً ومعاصراً.. وثرى أجساد جل الأنبياء، وشهداء طاعون عمواس، وموئل ثاني أعظم خلافة في تاريخ الإسلام ( الخلافة الأموية ).. ..
وهي الوعد الحق: نزول عيسى عليه السلام، وقتله للمسيخ، وكسره للصليب، وقتله للخنزير، ونشر العدل في جنبات الأرض كلها..
وهي أرض المحشر والمنشر في يوم لا ينفع مال ولا بنون… تلكم الساعة::: والساعة أدهى وأمر ….