حين تتكالب الدنيا على النفوس فتثقلها بالهموم وترهقها بالضغوط، ينبثق سؤال يزلزل الروح ويوقظ القلب:
إذا كان الله معك، فمن يمكن أن يكون عليك؟
إنه يقين، وراحة تسكن في قلب المؤمن حين تضيق به السبل وتتكالب عليه المحن.
من كان الله معه، وجد في عزلته أنسا، وفي وحدته قوة، وفي ضعفه سندا.
إن القلوب التي تستمد قوتها من الله لا تهزمها الظروف ولا تهزها العواصف، لأنها تعلم يقينا أن القوة الحقيقية ليست في اليد، بل في القلب المتوكل على الله.
عندما يكون الله معك، تصبح المحن منحا، ويصبح الألم سبيلا للرفعة، وتنقلب القيود أجنحة تحملك نحو أفق الحرية.
فالله لا يترك عباده، ولا يدير ظهره لمن يستنجد به، بل يدبر أمرهم برحمة تفيض، وإن تأخر الفرج، فإنه يأتي بأعظم مما تمنيت، وفي الوقت الذي كنت تحتاجه حقا.
يا من تشعر بثقل الأيام، وتعتقد أن لا معين لك، تأمل في قوله:
"إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا"
فهو وعد صادق من رب لا يخلف الميعاد.
من كان الله معه، عاش بقلب مطمئن، لأن الذي يدبر أمر الكون كله معه، فهل يعجز عن تدبير أمرك؟
لا تحزن إن تخلى عنك الناس، أو واجهت أبوابا موصدة.
يكفيك أن تدرك أن باب الله مفتوح دائما، لا يغلق في وجه من طرقه، ولا يصد من لجأ إليه.
ارفع يديك وقل:
” الحمد لله ـ وحسبنا الله ونعم الوكيل”
وسترى كيف تتحول أعظم المصائب إلى أعظم العطايا، لأن الله معك.
إذا شعرت يوما أن الحياة تسير عكس ما تريد، فتذكر:
من كان الله معه، فمن عليه؟
من يملك أن يضرك والله يدافع عنك؟
من يستطيع أن يسلبك رزقا وقد كتب باسمك؟
استمد قوتك من الله، واجعل يقينك به مثل الجبال، شامخا لا يهتز مهما كانت الرياح عاتية.
الله معك، فلا تخف. مهما كانت العتمة حالكة، فإن نوره أقوى.
ومهما اشتدت الأحزان، فإن رحمته أوسع.
فقط توكل عليه، وسترى كيف يبدل حالك، ويمنحك القوة لتواصل، والشجاعة لتواجه، والرضا لتعيش مطمئنا.
من كان الله معه، فهو الغني وإن أفقرت الدنيا جيوبه، وهو القوي وإن انكسر قلبه. فمن عليه؟ لا أحد.