بعد أن خاض أسهل معركة انتخابية وفاز فيها باكتساح على منافسته كامالا هاريس، ذهبت كل محاولات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب للإبقاء على سجله الجنائى نظيفاً أدراج الرياح، أصدر القاضى فى القضية المعروفة باسم «شراء الصمت» ضد دونالد ترامب حكما بإدانة ترامب مع وقف التنفيذ ومنحه إطلاق سراح غير مشروط بلا سجن أو غرامة. وبهذا يصبح ترامب أول رئيس منتخب يُدان بارتكاب مخالفة جنائية، وهو التصنيف الذى كان يأمل ترامب فى تجنبه.
حاول محامو ترامب مرارا إلغاء إدانته وتأجيل الحكم، قائلين إنه يجب حمايته من الإجراءات الجنائية لأنها قد تعرقل انتقاله الرئاسي. لكن مكتب المدعى العام فى مانهاتن قال للقضاة إنه لا يوجد أساس قوى يدفع المحكمة العليا لاتخاذ خطوة استثنائية بالتدخل لوقف جلسة الحكم المقررة. لذا وفى تاريخ لا يخلو من دلالة وقبل عشرة أيام فقط من تنصيبه رسميا فى البيت الأبيض، حكم القضاء الأمريكى بإدانة ترامب بـ ٣٤ جريمة جنائية، سيتم وضعها فى سجله الجنائى رسميا. ترامب يعيش أجواء صدمة ويصف ما جرى بالمؤامرة، والقاضى يقول إن قرار عدم حبسه أو مراقبته مراعاة للمنصب الرئاسي.
حضر ترامب المحاكمة عبر خاصية الاتصال المرئى خلال جلسة النطق بالحكم عليه فيما يتعلق بإدانته فى قضية دفع أموال لممثلة الأفلام الإباحية ستورمى دانيالز مقابل صمتها وعدم فضح علاقته بها.
وقال القاضى خوان ميرشان، الذى أشرف على محاكمة ترامب التى استمرت ستة أسابيع، إنه لا يعتزم إرسال ترامب إلى السجن أو تغريمه.
ولكن الإفراج غير المشروط يعنى أن الإدانة ستدون فى السجل الدائم لترامب والذى كالعادة أرغى وأزبد وطعن فى نزاهة وشرف القاضى واصفاً إياه بالفاسد الذى يقف منه موقفاً شخصياً على خلفية إدانته من قبل نفس القاضى بتسعة انتهاكات للقانون مع غرامة قدرها ألف دولار لكل منها.
واتهامه بانتهاك حظر النشر الذى أصدره القاضى فى وقت سابق، بهدف حماية المحلفين والشهود، بعد انتقادات عنيفة وجهها ترامب بمنصته «تروث» والتى اعتبرها القاضى أنها تنتهك أمر منع النشر.
ترامب (٧٨ عاما) دفع ببراءته وتعهد بالطعن على حكم الإدانة، وظهر مع محاميه على شاشات تلفزيونية فى قاعة المحكمة وكان يظهر فى الخلفية علمان للولايات المتحدة، وكان الرئيس المنتخب قد حارب بكل ما أوتى من قوة لتجنب مشهد إجباره على المثول أمام قاض على مستوى الولاية قبل أيام قليلة من عودته إلى منصب الرئاسة.
ورفضت المحكمة العليا طلبا تقدم به ترامب آخر الإسبوع الماضى فى اللحظة الأخيرة لتعطيل الحكم. البداية كانت فى مارس ٢٠٢٣، عندما اتهم المدعى العام لمنطقة مانهاتن، ترامب بارتكاب ٣٤ تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية للتغطية على دفع محاميه السابق مايكل كوهين ١٣٠ ألف دولار لدانيالز لشراء صمتها قبل انتخابات عام ٢٠١٦ بشأن ما قالت إنها علاقة جنسية عابرة مع ترامب الذى نفى ذلك.
وفى ٣٠ مايو، أدانت هيئة محلفين فى مانهاتن ترامب بجميع التهم الموجهة له. وقال ممثلو الادعاء إنه على الرغم من طبيعة الاتهامات المبتذلة، فإن القضية كانت محاولة لإفساد انتخابات عام ٢٠١٦. ورفضت المحكمة العليا، الخميس الماضي، محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، فى اللحظة الأخيرة، وقف نطق الحكم بحقه فى القضية وبغالبية خمسة أصوات مقابل أربعة، رفضت المحكمة الطلب الطارئ الذى تقدم به ترامب سعيا منه لوقف النطق بالحكم، وذلك قبل ١٠ أيام من عودته إلى البيت الأبيض. وتوجه ترامب إلى المحكمة العليا فى محاولة أخيرة لإيقاف عقد الجلسة، لكن خمسة من القضاة التسعة قالوا إن مخاوف الرئيس المنتخب بشأن الحصانة والأدلة المقدمة فى محاكمته يمكن معالجتها «أثناء الاستئناف».
كانت قاضية المحكمة الجزئية إيلين كانون قد منعت إصدار التقرير النهائى للمستشار الخاص جاك سميث بشأن تحقيقاته فى قضايا الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ومنع أمرها سميث ووزارة العدل من المضى قدمًا فى إصدار التقرير حتى يتوافر الوقت لمحكمة الاستئناف الأمريكية الحادية عشرة لمراجعة الاقتراح الطارئ الذى قدمه المتهمون المشاركون فى قضية ترامب لمنع إصدار التقرير.
وخلال التقاضى فرض ميرشان غرامة جديدة قدرها ألف دولار على ترامب «لانتهاكه» الأمر القضائي، وحذره من أن أى انتهاكات جديدة قد «تعرضه للسجن».وقال ميرشان: «يبدو أن الغرامات البالغة ألف دولار لا تشكل رادعا».
وأضاف القاضى لترامب: «آخر شيء أريد القيام به هو أن أضعك فى السجن. أنت رئيس الولايات المتحدة، لكن عليك الحذر من أن انتهاكاتك المتعمدة المستمرة لأوامر هذه المحكمة تهدد إقامة العدل وتشكل هجوما مباشرا على سيادة القانون.
لا أستطيع أن أسمح باستمرار ذلك». وكان القاضي، خوان ميرشان، قد أمر فى جلسة سابقة بفرض غرامة قدرها تسعة آلاف دولار على ترامب بتهمة ازدراء المحكمة خلال محاكمته بقضية دفع مبالغ مالية للممثلة الإباحية مقابل شراء صمتها بشأن إقامة علاقة جنسية معها.
وتتعلق إحدى الغرامات بتعليقات لترامب أدلى بها قال فيها إن هيئة المحلفين «تم اختيارها بسرعة كبيرة» وإن ٩٥ فى المائة منها من الديمقراطيين وهو ما اعتبره القاضى تشكيكا فى نزاهة المحكمة وقال فى حيثياته «إن ترامب بفعله ذلك، لم يشكك المدعى عليه فى نزاهة هذه الإجراءات وبالتالى شرعيتها فحسب، بل أثار مرة أخرى شبح الخوف على سلامة المحلفين وأحبائهم» وقال ترامب بعدما أدين بمخالفة القرار: «لقد سلبنى هذا القاضى حقى الدستوري».