تحيي أذربيجان الذكرى الخامسة والثلاثين لمأساة ٢٠ يناير.
٢٠ يناير – تاريخ محفور في ذاكرة جمهورية أذربيجان الحديث باسم “يناير الأسود” حيث دخل ٢٦ ألف جندي سوفيتي إلى مدينتي باكو وسومغايت ومدن أذربيجان الأخرى، بأمر من قيادة الاتحاد السوفييتي، قبل أربعة وثلاثين عامًا، ذلك في ليلتي ١٩ -٢٠ يناير ١٩٩٠.
واقعة قُتل فيها أكثر من ١٤٧ مدنياً، وأصيب قرابة ٧٤٤ شخصاً، بجروح خطيرة نتيجة لهذا التدخل العسكري. أشعلت القوات السوفيتية النار في عدد ٢٠٠ منزل، و٨٠ سيارة، وأحرقت عددًا كبيرًا من الممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك سيارات الإسعاف.
تعود الأحداث التي أدت إلى مأساة ما تم تسميته ب”يناير الأسود” إلى أواخر الثمانينيات عندما انتشرت محاولات دمج إقليم قراباغ الجبلية إلى جمهورية أرمينيا، وموجة أخرى من تهجير الشعب الأذربيجاني من أراضيهم التاريخية التابعة لهم، وعوضا عن منع تصاعد التوترات المتزايدة، ارتكبت القيادة السوفييتية جريمة ضد الشعب الأذربيجاني.
سبق هذه الأحداث المأساوية، المطالبات الإقليمية التي ليس لها أي أساس لها أي أساس قانوني أو تاريخي، لأرمينيا ضد أذربيجان وذلك في أواخر الثمانينات، وتنامي الأنشطة الانفصالية العدوانية للمتطرفين الأرمن في إقليم قراباغ الجبلية، المتمتع بالحكم الذاتي التابع لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية آنذاك، ودعم القيادة السوفيتية لهذه الأنشطة العنيفة، مما أدى إلي ترحيل وحشي لمئات الآلاف من الأذربيجانيين من أرمينيا إلى توسيع الحركة ضد الحكومة السوفيتية في أذربيجان، بحسب وزارة الخارجية الأذربيجانية.
وقامت السلطات الأذربيجانية بتسليط الضوء على أن “الكراهية” التي كانت وراء أحداث “يناير الأسود” المأساوية والتي تنامت بدعم وضغط من المستشارين الأرمن، على غارباتشوف، لفترة طويلة بشأن العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بأذربيجان “بطريقة سلبية”.
بعد الأحداث المأساوية، عقد الرئيس الأذربيجاني الراحل حيدر علييف مؤتمرا صحفيا في الممثلية الدائمة لأذربيجان في موسكو، وأدان بشدة هذه الجريمة وطالب بإجراء تقييم سياسي لمقتل الشعب الأذربيجاني ومعاقبة الجناة، وفي جلسة خاصة في البرلمان الأذربيجاني في فبراير ١٩٩٤، تم وصف القتل الوحشي للأبرياء في ٢٠ يناير ١٩٩٠ بأنه عدوان عسكري وجريمة حرب.
رغم مرور ٣٤ عاماً على المأساة التي تعتبر “انتهاكاً جسيماً” للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيرهما من الوثائق القانونية الدولية وواحدة من “أخطر الجرائم” في القرن العشرين في جوهرها ونطاقها، لم تحصل هذه الأحداث بعد على تقييم سياسي وقانوني دولي.
ولم تفل من عزم الشعب الأذربيجاني على بناء بلد ديمقراطي مستقل ومزدهر جرائم “يناير الأسود” وما تلاها من عدوان أرمينيا ضد أذربيجان، واحتلالها لمساحة ٢٠% من أراضيها، فضلا عن الصعوبات السياسية الاقتصادية التي تمتد جذورها إلى الأيام الأولي لاستقلال البلاد. ولكن بفضل قيادتها ووحدة أبناء اذربيجان وتضحياتهم قامت القوات المسلحة بقيادة القائد الأعلى الرئيس الهام علييف بإعطاء الاوامر لردع العدوان الارميني وتحرير الاراضي المحتلة في ٢٠ سبتمبر عام ٢٠٢٠ الامر الذي قوبل بترحاب شديد من جيش الشعب الذي قاتل بشجاعة واستبسال لمدة ٤٤ يوما، وحرر المناطق المحتلة بما فيها شوشا عاصمة قاراباغ، وأصبح يوم العاشر من نوفمبر من كل عام عيدا للنصر وتحرير الارض، ونفذت اذربيجان قرارات مجلس الامن بقواتها المسلحة بعد ان عجزت لجنة “منسك” عن حلحلة المسألة والضغط علي ارمينيا للانسحاب من الاراضي المحتلة.
في الذكرى الرابعة والثلاثين للمأساة، يحتفل الأذربيجانيون بشهر يناير الأسود باعتباره يوم حزن وفي نفس الوقت يوم فخر، لأن أبطال البلاد الشهداء وضعوا الأساس لاستقلال الدولة. واليوم، يتم الاعتراف بأذربيجان كدولة مستقلة وقوية تتمتع بسمعة متنامية على المستوى العالمي، وتمكنت من استعادة سلامة أراضيها وحققت نجاحات في السياسة الخارجية والداخلية. كان لهذا الحدث الذي صنع حقبة أثر حاسم على تشكيل الهوية الوطنية لأذربيجان وكان نقطة تحول في استعادة استقلال الدولة. بعد هذه المأساة، أصبحت حركة التحرير الوطني واقعا سياسيا كاملا، لا رجوع فيه، ولم ير الشعب مستقبله إلا في أذربيجان المستقلة. لقد أثبتت مأساة يناير الأسود أن نضال الشعب من أجل الحرية والاستقلال لا رجعة فيه.
باحثة والمستشارة القيادية في مركز تحليل العلاقات الدولية