بَكَتْ زوجة سيدنا أبو ذر الغفاري ـــ رضي الله عنه”
وهو يَحْتَضِّر فسَـألها مَـا يُبكِيِّكِ ؟!
قالت تموت هنا في صحراء الربذة”.. لا ثوب نكفنك فيه ــ ولا أحد يصلي عليك ـ فقال لها أبشري ولا تحزني” ذات يوم كنت أنا وفلان وفلان وفلان في المسجد ـــ وسماهم بالأسم” دخل علينا النبي صل الله عليه وسلم فقال :
سيموت رجلٌ منكم بالصحراء وحيداً ــ وسيصلي عليه جماعة عظيمة من المؤمنين” وقد مات جميع الصحابة الذين كانوا معي أثناء تلك البشارة .. ولم يبقى ـ إلا أنا” فأنا المقصود من تلك البشرى ــــ فقالت ماذا أفعل الآن ؟!
قال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ـــ ضعيني على قارعة
الطريق”.. فأول ركب قَادم سيكون فيه رَهْطٌّ من كبار الصحابة”….. وأنهم سوف يغسيلونني ـــ ويكفينونني وَيُصَلُونَ عليّ بلا أدنى ريب ـــ كما بشرني النبي صل الله عليه وسَـلم”……. وسيكون في مقدمة هذا الوفد
الصحابي ـــ عبد الله بن مسعود .. وكبار الصحابة من الأنصار والمهاجرين رضي الله عنهم أجمعين ـ فقولي
لهم ــ هذا زوجي أبي ذر تُوفِي ــ ولم أجد ثوبَاً لأكفِّنُهُ
فِيِّه” فتسابق الأنصار من يُكَفّْنُه في ثوبه ـ فكفنوه ثم صلوا عليه جميعاً ودفنوه ودعوا لهُ بِالمَغفِّرَة وَالرَحْمَة
وتذكر الصحابة يوم غزوة تبوك لما تأخر أبو ذر عندما تَعَثَّرَ بَعِيِّره ــــ وجاء ماشياً يلهثُ يجري تارةً” ويمشي تارةً أخرى ـــ وحيداً بلا أنيسٍ في الصحراء المحرقة”
وما أن رآه النبي يومها حتى إمتلأ وجهه ـــ صل الله عليه وسلم بالبشر والسرور” وقال له يومها ــ يرحمك الله يا أبا ذر تمشي وحيداً وتموت وحيداً وتبعث يوم القيامة وحيداً”…
وقد تحققت بُشّْـرَى النبي صل الله
عليه وسـلم” رضي الله عن سيدنا أبي ذر وأرضاه” لم
يسجد في حياته لصنم قبل الإسـلام” وقال عنه النبي
صل الله عليه وسلم” ((من سَرَّهُ أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم عليه السلام ــــ فالينظر إلى أبي ذر))