بثقافته الواسعة امتلك الزعيم جمال عبدالناصر رؤية استراتيجية أبرز ملامحها ومكوناتها وأبعادها في كتابه “فلسفة الثورة” فجعل مصر في تداخل وتكامل وجودها متمثلة في ثلاث دوائر هي: العربية. والافريقية. والإسلامية”.
وقد اختار “الدائرة” وهي أكمل الأشكال الهندسية منذ نقطة بدايتها حتي اكتمال أقطارها كما يقول علماء الرياضيات.
بهذا الاختيار – الدائرة -رأى عبدالناصر ان هناك تكاملاً وتداخلاً بين الأرض المصرية والأراضي العربية والأفريقية والإسلامية أيضاً ان هناك تكاملاً وتداخلاً بين الإنسان المصري والعربي والافريقي والإسلامي فهو مصري عربي افريقي مسلم منذ البداية وحتي النهاية مع أخيه العربي والافريقي والمسلم.
كان عبدالناصر مؤمناً بالإسلام ومنهجه في البناء والتقدم بلا إدعاء ولا صخب. ولا اطلاق علي نفسه صفات أو مسميات.
كان مقتنعاً بدور الإسلام في مقاومة الاستعمار الأوروبي الذي استغل ثروات الدول الإسلامية كي تعيش أوروبا في تقدم وازدهار وبحبوحة العيش. أما المسلمون في براثن الفقر والجهل والمرض بين الحياة والموت يكونون!
استخدم عبدالناصر “القوي الصلبة والقوي الناعمة تمثلت في علماء الأزهر وهذا يجعلنا نعود مرة ثانية إلي ما ذكره سامي شرف في شهادته – أوردناها في مقالنا السابق – قائلاً: “لقد سجلت بعثات نشر الإسلام في افريقيا وآسيا في عهد الرئيس جمال عبدالناصر أعلي معدلات الدخول في الإسلام حيث بلغ عدد الذين اعتنقوا الإسلام بفضل بعثات الأزهر الشريف في عهد عبدالناصر سبعة أشخاص من كل عشرة أشخاص وهي معدلات غير مسبوقة حسب احصاءات مجلس الكنائس العالمي”.
أجد نفسي قد قرأت مضمون ما ذكره الأستاذ سامي شرف في مقال كتبه الشيخ الدكتور عبدالمنعم النمر “صار وزيراً للأوقاف وقائماً بأعمال شيخ الأزهر في عهد الرئيس السادات” هذا المقال كتبه في مجلة منبر الإسلام في ابريل 1964 – ان لم تخني الذاكرة – يتحدث عن تقرير لمجلة “تايم” الأمريكية عن جهود عبدالناصر العظيمة في مقاومة تبشير الكنائس الغربية “الكاثوليكية والبروتستانتينية” وكيف قام عبدالناصر ببعثات علماء الأزهر بنشر الإسلام في افريقيا.
قال لى المفكر الدكتور أسعد السحمراني أستاذ العقائد والأديان في جامعة الإمام الأوزاعي في بيروت: “أنه ذهب إلي اندونسيا ضمن وفد رابطة الجامعات الإسلامية عام 2004 برئاسة الدكتور جعفر عبدالسلام نائب رئيس جامعة الأزهر – سابقاً – ولم يجد الوفد صعوبة في الحديث باللغة العربية مع العلماء الأندونسيين الذين قالوا: ان اندونسيا – أكبر دولة إسلامية في العالم – لن تنسي دعم ومساندة عبدالناصر في تحريرها من “هولندا” وما أعطاه من آلاف المنح سنوياً للطلاب الاندونيسيين للدراسة في الأزهر الشريف وكانت مصر تأخذ الطالب الاندونيسي من مطار العاصمة “جاكرتا” في بداية العام الدراسي وتعيده إلي المطار نهاية العام حيث كانت مصر في عهد عبدالناصر تتحمل تعليم الأندونيسيين بداية من تذكرة السفر بالطائرة حتي التعليم والإقامة الكاملة مجاناً في مدينة البعوث الإسلامية “التي انشأها عبدالناصر للطلاب الدارسين في الازهر من جميع العالم” وصار بهؤلاء الطلاب الأندونيسيين بعد عودتهم من مصر يدرسون التعليم الأزهري فيما يقرب من عشرين ألف معهد أزهري الآن.
نواصل الحديث فى الجمعة القادمة ان شاء الله