الإخبارية-محمد عمر
هو قامة شعرية تناظر في ارتفاعها قامات محمود درويش ونزار قباني..ورحلته في عالم الشعر السحري امتدت في دروب العمر الذي يطرق أبواب السبعين..وامتدت في فضاء العالم العربي من فلسطين حيث المولد إلي درعا في سوريا حيث النشأة إلي السعودية والمغرب حيث العمل ..وانتهت به أخيرا في مصر..دفع من عمره اربع سنوات في سجون سوريا بسبب قصائده..وعلي الرغم من توقفه عن الكتابة ما يقرب من 16 سنة إلا أنه عاد مرة أخري ليصدر ديوانا له في 2011. إنه الشاعر الفلسطيني المبدع محمود مفلح التقيناه في هذا الحوار عن الشعر ورؤية مرب طاف في العالم العربي من مشرقه إلي مغربه .
بعد هذه الرحلة الطويلة في عالم الشعر..ماذا تمثل القصيدة لك؟
القصيدة هي شاغلي..كرست حياتي كلها من أجل أن أكتب القصيدة المنشودة القادرة علي الوقوف في زحمة السوق الشعري هذه الايام..فلا مجال للكسالي والتنابل في زمننا هذا فإما أن تقدم شيئا مقنعا أو ان تسكت خير لك..ويؤسفني القول ان كثيرا من شعرائنا ولا سيما الإسلاميون يتهاونون في قضية الشعر ويحسبون أنهم علي خير ..علي حين نجد ان ما يكتبونه نظم وليس شعرا إلا القليل من الاستثناء ممن لا نستطيع أن نتجاهلهم أو نغض الطرف عنهم.
هل هناك أسماء ظهرت علي الساحة الأدبية تركت بصمتها؟
هناك أصوات شعرية جديدة بالفعل تركت بصماتها علي الشعر الإسلامي المعاصر اذكر منها الصديق عبد الرحمن العشماوي ومن سوريا عبد الله علي السلامة ومحمد الحناوي وسليم زنجير ومن فلسطين عدنان رضا النحوي وكمال رشيد والدكتور مأمون جرار وأيمن عقوم ومن المغرب الدكتور محمد علي الرباوي والدكتور حسن الامراني وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم.
ويؤسفني القول أن الأصوات الشعرية الإسلامية مغيبة بقصد أو دون قصد عن الإعلام العربي ولا أنسي أن هناك في مصر شعراء حقيقيين من أمثال الشاعر الراحل محمد التهامي والشاعر وحيد الدهشان والشاعر أحمد محمد مبارك والشاعر أحمد فضل شبلول وغيرهم.
ما هو موقف الإسلاميين من الأدب؟
هذه قضية شائكة ..فكثير من الدعاة يعتبرون الأدب ترفا أو شيئا علي هامش الحياة ولهذا يؤسفني القول إننا وعلي امتداد الساحة لا نجد شاعرا إسلاميا بمستوي محمود درويش أو نزار قباني ..ولا روائيا بمستوي نجيب محفوظ ..ولا قاصا بمستوي يوسف إدريس واتمني أن أكون مخطئا في هذا التقييم ورغم أن هناك رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي اتشرف بالانتساب إليها وأنني أحد مؤسسيها إلا انها مازالت مقصرة في تقديم الأصوات الأدبية الحقيقية فاعتمادها علي الكم أكثر من الكيف وأكثر ما يسيء إلي الشاعر أو الأديب هو الثناء المجاني والتصفيق دون محله.
وهنا أذكر عبارة لمحمود درويش عندما كثر الثناء عليه بعد خروجه من الأرض المحتلة” ارحمونا من هذا الحب القاسي” .
أين تفتحت موهبتك الشعرية؟
درعا هي المدينة السورية الجنوبية التي تفتحت فيها موهبتي الشعرية في أزقة المخيم ..هي مدينة المرح والسكينة..مدينة الألم والأمل..المدينة التي اطلقتني في فضاء الله الواسع وقالت لي كن إذا استطعت شاعرا فلقد زودتك بالمفاتيح الأولية وبالزودة الحقيقية لتستمر في الكتابة.
درعا فيها قبور الأحباب وفيها الخطوات الأولي وفيها صبابات الشباب وشقاوة المراهقة وفيها الوجوه التي جذبتني والوجوه التي عذبتني أيضا..وقد كتبت عنها أكثر من قصيدة موجودة في اعمالي الشعرية.
وما هي الدواوين المطبوعة لك؟
لي كثير من الدواوين الشعرية المطبوعة في سوريا ومصر والمغرب والأردن والسعودية والكويت ..اذكر منها الديوان الأول “مذكرات شهيد فلسطين” ،”وشموخا ايتها المآذن”، “والراية”, “للكلمات فضاء آخر”، ” سنابل الشهادة”،”نقوش إسلامية علي الحجر الفلسطيني”،”إنها الصحوة“, “لأنك مسلم“.
واحدث ديوان صدر لي عام 2011 في مدح رسول الله صلي الله عليه وسلم صدر عن وزارة الأوقاف الكويتية بعنوان”إنما أنت بلمسة” ويسعدني أنه ستصدر أعمالي الشعرية الكاملة مع قصائد الأطفال في مصر المحروسة وارجو أن تنال هذه الأعمال اهتمام القارئ والناقد المصري الذي أعول علي آرائه كثيرا والذي كنت انتظر من زمن ان يتعرف علي شعري المتواضع وأن يكون له رأي فيه.
ذكرت أن الأعمال الكاملة ستشمل قصائد الأطفال..ما هو الدافع الذي جعلك تكتب للأطفال؟
تأثرت بالزملاء الذين يكتبون قصائد للأطفال بالإضافة إلي أن الساحة كانت خالية فكتبت قصائد “غرد يا شبل الإيمان” وهو أول ديوان أصدرته رابطة الأدب الإسلامي العالمية وله أكثر من طبعة..بالإضافة أن لي مجموعتين من شعر الأطفال سوف تصدر مع الأعمال الكاملة ولي قصائد أسمعها احيانا في التلفاز وقد انشدت دون علم مني .
وماذا عن إنتاجك في القصة القصيرة ولماذ توقفت؟
كتبت القصة القصيرة منذ عام 1976 وتوقفت عام 1987 وازعم ان المجموعات القصصية الثلاث التي صدرت لي في دمشق” المرفأ” وفي بيروت”القارب” وفي السعودية”إنهم لا يتركون الأبواب” قد نالت إعجاب القراء ونفدت من الأسواق وبعضها طبع أكثر من مرة كـ”القارب“.
أما عن سبب توقفي فيبدو أن النزعة الشعرية عندي طردت نزعة السرد ولاأبرئ نفسي من الكسل إلا أن إغراء القصة يراودني بين الحين والآخر ولا أدري إن كنت سأرجع إليها في عمري المتأخر هذا أم لا.
وفي مجال النقد كان لك باع أيضا…
لي مساهمات نقدية في بعض الصحف والمجلات وعندما كنت اعمل في السعودية موجها تربويا لمادة اللغة العربية درست كثيرا من اعمال الشعراء السعوديين ولكنني لم أجمع هذه الدراسات في كتاب منفصل ولا أزعم أنني ناقد متمرس أو انني صاحب نظرية في النقد ولكنها انطباعت وتأثرت بما أقرأ سكبتها علي الورق.
مررت بكثير من دول عالمنا العربي وأنت معلم للغة العربية..احك لنا تجربتك؟
هذا سؤال مختصر..لكن الإجابة عنه تحتاج إلي جلسة طويلة وصفحات كثيرة ..فكيف أستطيع أن اختصر عمرا في جملة اواثنتين..لكنني باختصار أقول إن الجوانب المظلمة في حياتنا العربية أكثر من الجوانب المضيئة ..فلقد رأيت في عالمنا العربي أثرياء يربطون كلابهم بسلاسل من الذهب وإلي جانبهم فقراء يتضورون جوعا ولا يجدون ما يأكلون ..رأيت ظلما ينشب أظفاره في أجساد الضعفاء من الناس وفي بلاد أخري رأيت التمييز العنصري الذي لم أجده او اقرأ عنه في اي كتاب بين المسلمين انفسهم حتي لا يصعب علي ابناء هذا البلد أن يعترفوا بأنك مثلهم مسلم تؤدي الصلوات الخمس وتحج إلي البيت الحرام وفي بلاد أخري رأيت المسلم عندما يرفع سبابته للتشهد تقطع أصابعه وعندما تسير الفتاة المسلمة بخمارها ينزع عنها خمارها.