من أكبر المشاكل التي تواجه الأسر قبيل الإمتحانات وأثنائها هو ضعف التركيز لدى الطلاب . ويشكو الكثير من الآباء من أن ابنه يجلس طويلاً على طاولة المذاكرة ولكن تحصيله يكون ضعيفا لتشتت تركيزه وإشغال نفسه بمن حوله ، ويبدو ذلك واضحا في تفاعله السريع مع أصوات وحركات أشقائه في الغرف المجاورة ، أو الأصوات الواردة من الشارع. ويشكو آخرين من عدم إستقرار الأبناء على طاولة المذاكرة لفترة متواصلة والتحرك كثيراً لعمل سندوتشات أو مشروبات ساخنة وباردة . ويؤكد لى صديق أنه لاحظ تزايد وزن إبنه فترة الإمتحانات .
ويخطئ بعض الأباء في إستخدام العنف والتهديد لإجبار الأبناء على المذاكرة لأن ذلك يأتي بنتائج عكسية حتى ولو جلس الإبن مجبراً أمام الكتاب لساعات طويلة. وأتذكر أيام طفولتي أنه كان لنا زميل يعمل والده موظفا صغيرا، وكان حريصا على أن يعلم ابنه ويتخرج من الجامعة . وهو هدف مشروع لكل أب ولكن الوصول إليه يجب أن يكون بالحكمة، وليس بالضرب والتعنيف كما كان يفعل والد زميلنا ، وبلغ من قسوته أنه كان يمنع إبنه من الإحتكاك بزملائه أبناء الفلاحين حتى لا ينشغل معهم عن المذاكرة. وجاءت نتائج الإمتحانات لتؤكد خطأ اسلوب هذا الوالد وأمثاله ، فحصل إبنه على أقل الدرجات ، وتفوق أبناء الفلاحين الذين لا يعلم أبائهم القراءة والكتابة ، بل ان كثير من هؤلاء الأباء كانوا لا يعلمون أي سنة يدرس فيها أبنائهم .
ويرى بعض العلماء أن علاج ضعف التركيز يبدأ بالاقتناع بأن شرود الذهن غير المرضي ليس ضارا وذكرت الصحفية كارولينا ويليامز في تقرير نشرته ( بي بي سي ) :”هناك تصور متزايد في أوساط علماء النفس بأننا نقضي الكثير من الوقت في أحلام اليقظة – ما يقرب من 50 % من الوقت وفقا لبعض التقديرات. ودفع ذلك بعض علماء النفس إلى تأييد فكرة أن شرود الذهن لا يمثل مشكلة كبيرة، وإنما هو جزء رئيسي من النظام نفسه الذي يمكن أن يساعد أدمغتنا على القيام بوظائفها.
كما يرى بعض الخبراء أن الحل في الإلتزام ببرنامج غذائي صحي والنوم الكافي يومياً مع ممارسة النشاط الرياضي بصورة منتظمة.
وأرى أن الإسلوب العلمي والعملي الصحيح لتشجيع الطلاب والطالبات على التركيز في المذاكرة وعلى التحصيل العلمي هو مساعدة الوالدين للأبناء على إختيار نوعية الدراسة التي يحبونها ثم تحديد الهدف النهائي الذي يريدون الوصول اليه ، مع وجود آليات مجتمعية راسخة تضمن حصول المتفوق دراسيا على نتيجة تفوقه . وأثناء دراستي الجامعية كان لي صديق من قرية مجاورة يدرس بكلية الحقوق جامعة عين شمس وضع نصب عينيه ان يصبح قاضيا ، فاجتهد في المذاكرة وتخرج بتفوق كان ذلك كافيا لتعيينه في النيابة العامة بشكل طبيعي دون واسطة ودون النظر الى ليقاته الإجتماعية أو أى إشتراطات أخرى ، وعمل بنزاهة ويشغل إبن الفلاح البسيط حاليا منصب قضائي مرموق وأصبح صاحب مدرسة في العمل القضائي . كان ذلك قبل اقل من 40 عاما وليس من عهد بعيد . وأرى أنه من صالح بلدنا العودة لنظام تعيين المتفوقين من كل كلية في تخصصاتهم في مؤسسات وهيئات الدولة.
Aboalaa_n@yahoo.com