تتنفس مثلنا، ولكن كيف تموت امرأة؟ وكيف تراها تحتضر؟
تموت إذا فارقت وجهها الابتسامة، إذا لم تعد تهتم بجمالها، إذا لم تتمسك بأيدي أحد ما بقوة، وإن لم تعد تنتظر عناق أحد، وإن اعتلت وجهها ابتسامة ساخرة إذا مر عليها حديث الحب، نعم هكذا تموت امرأة!”.
نعم تموت امرأة وهي حية ترزَق، تعلن الحداد داخلها، تعيش مراسم دفنها لوحدها ثم تنهض، ترتّب شكلها، تمسح الكحل السائل تحت عينيها، تعيد وضعه، ثم تخرج للعالم، واقفة بكامل أناقتها، تتنفس وربما مبتسمة وتضحك، لكنها ميتة ولا أحد يعلم!
متى؟ كيف؟ ولماذا؟
**
تموت المرأة وهي حية حين تنكسر وتهجر دون سبب، حين يخذلها قريب كان يمثل لها القدوة والسند، حين تعضها اليد التي كانت تتمسك بها بقوة فتفقد ثقتها بنفسها وبهذا العالم**.
تموت المرأة حين لا يكون لها أي حق في اختيار حياتها، ويفرض عليها وضع يحط من قيمتها ويجعلها سلعة تباع وتشترى، وتموت ألف مرة حين تخان وتُنتَهَكُ كرامتها باسم الحب أو العرف، وتموت عند كل مرة تفقد فيها احترامها لذاتها أولاً ولشخص كان يعني لها الكثير.
تموت المرأة حين يخذلها رجل يتجرد من رجولته كلما احتاجت وجوده بقربها فلا تجده، تموت المرأة حين تمس كرامتها وسمعتها وعفتها دون أن تستطيع الدفاع عن نفسها، فقط لأنها امرأة.
وتموت كل امرأة خذلها زوج ضحت بعمرها لأجله، وتحدت الجميع لتتزوجه، فكان جزاؤها النكران والهجر بعد عشرات السنين، وابن صامت عن ملذات الحياة ليستمتع بها هو، فنسيها حين كبر وتركها لغرباء يعتنون بها بعد أن وهنت وضعفت، وأب حرمها حقها من الحب والحنان والحماية والتعليم وحتى الميراث، فقط لأنها أنثى.
فكم من امرأةٍ تعيش بيننا تتنفس، لكنها ماتت منذ زمن، انطفاء بريق الأمل والقوة في عينيها هو أولى علامات موت المرأة.
علموا أولادكم أن الأنثى أمانة، أن الأنثى كرامة، أباً كنت، أخاً، ابناً أو زوجاً، كن لها السند والعضد تكن لك دنيا بأكملها: رفيقة حياة وتوأم روح وأماً وابنة حبيبة قريبة.
علموا أبناءكم أن الأنثى هي الكيان والسكن والوطن، علموهم أنها الأم والجنة تحت قدميها، وأن حضنها سيحتويك ويطمئنك خائفاً كنت، مريضاً، سعيداً مذنباً أو بريئاً، وأن خيركم خيركم لأهله.
*احكوا لأبنائكم كيف ذهب نبينا الكريم إلى السيدة خديجة حين نزل عليه الوحي،