” أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة وافيه، وأدركت ما فيه من عظمة وخلود، أي رجل أدرك من عظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد، وأي إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التي تتخذ وساطة بين الخالق والمخلوق “. سجل هذه الشهادة الحقة في حق رسولنا الأعظم، الشاعر الفرنسي الشهير ألفونس لامارتين ( أكتوبر 1790 – فبراير 1869) ) المعروف برائد الرومانسية في كتاب ( حياة محمد ) الصادر في باريس باللغة الفرنسية عام 1854.
وهي شهادة حقة لأنها صادرة من شخصية فرنسية مرموقة تنتمي الى طبقة النبلاء في فرنسا وشاعر يشار اليه بالبنان على الصعيد الاوروبي ، وايضا من سياسي قدير حيث عمل نائبا في البرلمان الفرنسي عن منطقة ماكون منذ عام 1833 وحتى عام 1851 ، كما تولى رئاسة الحكومة المؤقتة في فرنسا بعد ثورة 1848 وتقلد فيها منصب وزير الخارجية.
ونحن نعيش في ذكرى مولد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رغبت أن أقدم للقراء الأعزاء عدد من الشهادات المنصفة في حقه لمفكرين غير المسلمين كي نتعلم الفارق بيننا وبينهم في دراسة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من أجل أن نقتدي به لأن فيها المخرج الصحيح ليس لأزمات مصر والعرب والمسلمين فقط ولكن لأزمة العالم بأسره. وفي هذا الصدد يقول المستشرق الإنجليزي روبرتن سميث :” أن من حسن الحظ الوحيد في التاريخ البشري أن محمداً صلى الله عليه وسلم أتى بكتاب آية في البلاغة، ودستور للشرائع والصلاة والدين والدنيا في آن واحد، وأن القرآن الكريم كتاب خليق بإيجاد حلول لمشكلات البشرية قاطبة “.
ويقول المستشرق الأمريكي جيبون في كتابه بعنوان (المسلمون): “أن الدين الإسلامي خال تماما من الشكوك والظنون العقلية، والقرآن يعد من أكبر الدلائل على وحدانية الله، أن من يحاول اتهام الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم في خلقه أو تفكيره أو تشريعه، فإن ذلك بدافع من العصبية الرعناء، ويكون خيرا للإنسان ان يكون معتدلا في آرائه، مستقيما في تصرفاته، منصفا في إحكامه على الآخرين”.
وعدد المستشرق الفرنسي الفرنسي كرادي فو في كتابه (مفكرو الإسلام ) صفات رسولنا الكريم مبينا أثرها قائلا : ” عُرف عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان من أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا وابلغهم حديثا وأصوبهم معنى، وأدقهم وصفا، وكان دائم البشر لين الجانب وسهل الخلق، كان محبا عطوفا على الفقراء والمساكين والضعفاء ، كما أنه لا يسحب يده ممن يصافحة حتى يهم المصافح بسحبها، ويجلس على الأرض، ويخصف النعل ويرقع الثوب، ومع ذلك ربى جيلا ملكوا زمام العالم في خلال نصف قرن من الزمان “.
هناك الكثير من الشهادات المنصفة لرسولنا من الأجانب يضيق المجال لذكرها هنا. ولكنها تفرض علينا عدد من التساؤلات : كيف يتعامل المسلمون اليوم مع ذكرى مولد رسولهم الذي ليس كمثله بشر ، كما أوضح القرآن الكريم والسنة النبوية وأجمع على ذلك الفقهاء وغالبية علماء ومفكري الغرب والشرق؟. هل سيظل احتفالنا بذكرى ميلاد المصطفى مقتصرا على الأكل والشرب وعدد من الندوات الشكلية والتي يردد روادها نفس الكلمات طوال عشرات السنين وعرض فيلم قديم عن سيرته ؟.
متى نجد سيرة رسولنا مفعلة في حياتينا . هل نعلم ان تطبيق حديث نبوي صحيح واحد سيزيل الاحتقان من مجتمعنا ويوقف كل الجرائم البشعة المنتشرة حاليا . فقد قال الرسول محمد في الحديث الصحيح : ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. وأكد العلماء أن المقصود بالأخ هنا الأخ في الانسانية .