أكثر من اثني عشر عاماً مروا، وما زالت حركة حماس تختطف قطاع غزة وشعبها بقوة السلاح، بعد أن قتلت وسحلت المئات من كوادر وأبناء حركة فتح. وحتى زعيم الشعب الفلسطيني الشهيد الراحل ياسر عرفات، الذي كان يُمثّل بشهادة القاصي والداني رمزاً للوحدة الوطنية الفلسطينية؛ قامت عناصر حركة حماس باقتحام حرمة منزله، وداست على صوره، ومنعت إقامة أية مظاهر من شأنها الاحتفاء بذكراه.
بالرغم من احتضان النظام السوري لحركة حماس ومعاداة حركة فتح لأكثر من عقدين من الزمن، طعنت حماس في ظهر الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابل مصالح آنية مرتبطة بحفنة من الريالات والدولارات القطرية. وحتى إيران التي كانت خير داعمٍ لها، أدارت لها حماس ظهرها، وكل ذلك من أجل توفير آلية أسهل لتلقي الدعم المالي؛ آلية يرتبط بقاءها وسهولة إجراءاتها بمدى رضا الثنائي الأميركي – الإسرائيلي!.
لعل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ما بين 12-14 نوفمبر/تشرين ثاني 2019 ، أثبت بجلاء أن حماس ترفع شعار “قطر أولاً”، خصوصاً وأنها اتخذت موقف الحياد إزاء العدوان الإسرائيلي المركّز ضد الجهاد الإسلامي. وهذا الموقف يتجلى بوضوح في تصريحات فوزي برهوم، المتحدث باسم حركة (حماس)، التي أكّد فيها أن “المقاومة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي، إذا وسّع الاحتلال جرائمه”!.
حتى وإن أردنا تفسير تصرفات حماس من منطلق لغة المصالح، فإن الجاهل يعلم بأن العلاقة مع قطر ليست استراتيجية ولن تتسم بالديمومة، فقطر ترسم علاقاتها الدولية بناءً على الحقائق، والتي يمكن أن تتغير في أية لحظة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
ترفع حركة حماس في العلن، شعار “المقاومة المسلحة هي الطريق للتحرير”، علماً بأنها لم ترد للآن على اغتيال قادتها من أحمد الجعبري لأحمد ياسين مروراً بالدكتور عبد العزيز الرنتيسي و عز الدين الشيخ خليل في دمشق وقائمة الشهداء تطول . إضافةً إلى تخليها جهراً عن الجهاد الاسلامي، وتركه وحيداً بالمعركة تحت خط النار و الاغتيالات.
عندما نقرأ دستور حركة حماس، ونقارن بين التنظير والممارسات على أرض الواقع، نستشف مدى التناقض الرهيب الذي تعيشه هذه الحركة، وأن دساتيرها لم تتعدى عن كونها أدبيات منسيّة على رفوف المكاتب!.
في ضوء المؤشرات الواضحة على أن شعار “قطر أولاً” هو الشعار الحقيقي الذي ترفعه حركة حماس، فإنه من مصلحة حماس أن تُسارع في إجراء مراجعات ذاتية جدّية، وصولاً إلى استصدار عفو عام من كافة مكونات الشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان، وإلاّ ستكون عودتها إلى البيت الفلسطيني مرفوضة ومصيرها مجهولاً !.
كاتب وباحث فلسطيني