للشباب دور كبير في تنمية وبناء أي مجتمع لمواجهة أي أخطار خارجية كـالتطرف العنيف، ولا يقتصر دورهم على مجال محدد، بل يتقاطع مع جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وجميع قطاعات التنمية، أيضا لهم دور كبير في مناهضة التطرف العنيف، لذلك يعد مشاركة وإزالة الحواجز من أمام الشباب في عملية توعية ومكافحة التطرف هو أمر ضروري.
إذا هذه بعض من العوامل والأسباب الرئيسة التي توفر بيئة جذابة للتطرف العنيف والفكر المشوه، وهنا يجب التركيز على هذه العوامل والأسباب ومعالجتها لأنها تستهدف الفئة الأكبر من فئة الشباب وإيجاد حلول واستراتيجيات لمكافحة التطرف وإشراك الشباب في المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في مكافحة التطرف العنيف.
إلا أن الشباب ليسوا شريحة مهمشة ولا يجب أن يكونوا كذلك، لأن ذلك يجعل منهم شريحة مستهدفة. الشباب يمتلكون طاقة هائلة وهم الأكثر قدرة على تغيير العالم، والعمل على توعيتهم ودعوتهم للبحث عن فرص لاستثمار طاقتهم.
وعدم توفر هذه الفرص يجعلهم يصابون بالإحباط ويسهل إنجرافهم نحو التطرف العنيف، وضرورة حماية الشباب وإشراكهم في ضل أصبح الانقياد نحو التطرف العنيف أسهل مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلية رأي الباحث أهمية تناول هذا الموضوع يمكن مشاركة الشباب في مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دورهم كدور رئيسي وفعال في المجتمع، حيث أن بعض مؤسسات المجتمع المدني تقوم بمشاركة الشباب في العملية التوعوية عن طريق مشاركتهم بمناهضة خطاب الكراهية و إثراء الخطاب البديل لإنشاء محتوى رقمي، كإنشاء مقاطع فديو، وكتابة المقالات، والجلسات التعليمية التي تهدف الى توعية الشباب وتقبل الآخر.
وبالتالي التصدي لجميع عوامل الدفع والجذب التي من شأنها أن تحفز على التطرف العنيف. حيث أن المشاركة الفعالة لفئة الشباب تولد داخلهم بما يسمى “الصمود” وهو أن يتمتع الفرد بالقدرات الإيجابية للمعرفة والمهارات والقدرات للحماية من العوامل التي تؤدي الى الإنجراف للعنف والكراهية.
مما يسهل عليهم الاندماج مع الآخرين وخلق مساحات للحوار الفعال والبناء ومجتمعات تحتضن التعدديات الثقافية. هناك العديد من الأمثلة عن مشاركة الشباب في مكافحة التطرف العنيف، منها في تونس، تعمل منظمة الشباب ضد الإرهاب، وهي منظمة متخصصة للدفاع عن الشباب، على بناء مقاومة العنف والتطرف العنيف من خلال تحسين العلاقات بين المواطنين والشرطة من خلال البرامج والتدريب، أيضا قد ساعدوا في تحسين المناهج التعليمية لتحسين الفكر الناقد وتقديم مبادئ السلام الصحيحة. هذا مثال على دور الشباب الفعال في المجتمع وكيف يلعب دورا رئيسا في مواجهة التطرف العنيف، وكذلك في توعية الأفراد،
وبالتالي؛ تعتبر فئة الشباب هم وقود التنمية والتطوير المجتمعي لأي مجتمع وأنه لا بد من بذل الجهود للاستفادة من طاقة الشباب. هناك عدة مستويات من مشاركة الشباب في برامج التوعية ومكافحة التطرف في مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار.
إلا أن مشاركة الشباب ليست عملية سهلة وبسيطة، وأن مشاركة الشباب ليست ببساطة عاملا دلالي على ما إذا كان الشباب يشاركون فعليا أم لا.
في الواقع، قد تكون مشاركة الشباب محدودة للغاية بحيث أن تكون محبطة للشباب بدلا من تمكّينهم؛ كما اشتكى شاب من أفريقيا “نحن الشباب لا توجه لنا دعوة إلا عندما يحين التلويح بالأعلام والرايات أو وضع الملصقات، أم إذا أردنا اتخاذ قرار وعرض مقترحاتنا فلا تؤخذ بعين الاعتبار، بل تهمش”. بدلا من ذلك، يجب مشاركة الشباب في القيادة وفي صناعة القرار أيضا وتعزيز شعورهم بالانتماء.
إذا تم تسليط الأضواء التعرف على بعض التعريفات التي يمكن من خلالها تقديم فهم للتطرف العنيف، وما هي الأسباب التي تقود الشباب للتطرف العنيف؟، وماهو دور المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في مواجه التطرف العنيف. في البداية يجب أن نوضح معنى التطرف العنيف، حسب مجلس الأمن الدولي تم تعريف التطرف العنيف بأنه “كل ما يشير إلى معتقدات وأفعال الأشخاص الذين يدعمون أو يستخدمون العنف بدوافع أيديولوجية لتعزيز الأهداف الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية أو السياسية”.
وأيضا تم تعريف مكافحة التطرف العنيف على الشكل التالي “هو البرامج والسياسات التي تهدف إلى ثني الأفراد أو الجماعات عن نشر الفكر المتشدد والتجنيد في التطرف العنيف واللجوء إلى العنف الموجه أيديولوجيا من أجل تحقيق أهداف اجتماعية، اقتصادية، دينية أو سياسية”.
بعد التعرف على بعض المصطلحات المهمة، نأتي الآن إلى محاولة فهم ما هية الأسباب التي تدفع وتجذب فئة الشباب وهي الفئة الأكبر والمستهدفة من قبل التطرف العنيف. حيث بين مجلس الأمن إلى مدى خطورة التطرف عند الشباب وما هي تداعيات ذلك.
حيث أن هناك مجموعة من الأسباب بشكل عام التي تقود الشباب للتطرف مثل الفقر، البطالة، الجهل أو حتى لأسباب سياسية أو دينية وثقافية، إلا أن الأسباب والتداعيات تنقسم إلى “عوامل الدفع” و “عوامل الجذب”
كم يتم الإشارة إليه في بعض الدراسات والتقارير. عوامل الدفع “هي مثل التهميش الاجتماعي والاقتصادي والديني والثقافي وانعدام العدالة الاجتماعية والإحباط والمستوى المعيشي المتدني كالبطالة والفقر.
أما عوامل الجذب “هي قوى يمكن أن تكون جذابة لفئة الشباب المحتملين وتجذبهم بشكل خاص للمنظمات المتطرفة العنيفة، مثل فرصة الحصول على مكافآت مالية، فرصة الحصول على حياة ووظيفة أفضل، أيضا هناك عوامل جذب دينية كتصور الخلافة بأنها الطريق الصحيح للجنة”.
وعلية فقد بينت نتائج الدراسة أن ظاهرة التطرف الديني ظاهرة قديمة رافقت الإسلام منذ عصوره المبكرة فحركة الخوارج اعتبرت من قبل أهل السنة و الجماعة كفئة “مارقة” كفرت المسلمين واستعملت العنف ضدهم، و قد شهدت هذه الظاهرة في الفضاء الإسلامي تناميا متواصلا مع فترات انقطاع منذ تشكل حركة الإخوان المسلمين
و تعتبر فترة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي مرحلة هامة تبلورت خلالها أدبياتها و تنظيماتها و ازدادت فيها قدرتها على الاستقطاب و التعبئة وتواصل هذا المسار إلى يومنا هذا. تزامن نمو هذه الظاهرة تاريخيا مع نهاية الحرب الباردة وبروز نظام دولي ذو قطب واحد يسعى للهيمنة على الشعوب واستغلال ثرواتها، تزامنت كذلك مع فشل حركة التحديث ومجهود التنمية في معظم الأقطار العربية والإسلامية
في إطار نظام اقتصادي وثقافي تحكمه العولمة التي أفرزت تفاقما للتفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الشعوب مثلما أفرزت تفاقما لمشاكل البطالة و الفقر وانسداد الأفاق أمام الشباب.
تتعدد الدوافع التي تفسر انخراط الشباب في البلدان الإسلامية أو في أوروبا الغربية في مسار التطرف، في تبني الأفكار التكفيرية الجهادية, كما تتنوع المقاربات التي اعتمدها الباحثون لفهم هذه الظاهرة ومنها بالخصوص المقاربة الاجتماعية والمقاربة النفسية والمقاربة الدينية الصرفة.
واظهرت الدراسة ان الشباب هم مصدر احتمالية للتغير الإيجابي وهم أيضا فاعلون، ويقدمون قيمة إضافية لجهود مناهضة التطرف العنيف، كـ وجهات نظر فريدة بشأن القضايا. أيضا العديد من الأفكار والحلول الفريدة، والقدرة على الوصول بشكل أفضل للشباب الضعفاء، إذا أن مشاركة الشباب تعزز من صمودهم بالإضافة الى تعزيز صمود الآخرين.
ولا بد من الاشارة الى أن الدولة بمؤسساتها كافة ( الرسمية و الأهلية ) تعد الخيار الأول لمواجهة الفكر المتطرف، إلا أنها بينت أن مؤسسات الدولة التي يجب أن تعمل على تعميق رسالة الدولة الأيديولوجية ضعيفة الحضور، وبينت عمق الفجوة المتحققة من وسائل الإعلام الوطني وضعف البرامج الثقافية والدينية الموجهة للشباب لتحصينهم من الفكر المتطرف.
وخلصت الدراسة ضرورة اختيار الوجوه الإعلامية في البرامج الثقافية و الدينية وإعداد قوائم جديدة للضيوف الذين يظهرون في البرامج الدينية على أن يكونوا من ذوي الثقة والصدق والأمانة والنزاهة،
ايضا ركزت حول اهمية بناء معايير واضحة لبث البرامج الدينية من حيث المحتوى، وتدريب نماذج وقيادات شبابية مهيئة وقادره على تقديم برامج دينية وثقافية و تعليمية بروح عصرية، ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوى المنشور، والذي يتضمن لغة الكراهية والتطرف، وتفعيل دور المؤسسة الدينية ” المسجد و الكنسية ” بطريقة حضارية و تقدمية بوصفها جهة وعظ وإرشاد ديني، وبناء حملة إعلانية وإعلامية واضحة لمواجهة الفكر المتطرف تتضمن
رسائل نصية على الهواتف المتنقلة، ومضات توجيهية على وسائل الإعلام المرئي والمسموع، وملصقات في الجامعات، والاهتمام بالملاحق الدينية في الصحف من حيث المحتوى والكتّاب والقائمين عليها، وإعطاء الطلبة مساحة للتعبير عن رأيهم في الجامعات وعبر وسائل الإعلام الجامعي المختلفة دون تمييز،
وتحقيق العدالة في النهج العام والممارسات التي تعزز الثقة بين الشباب و مؤسسات الدولة، وبخاصة فيما يتعلق بفرص العمل والتعيينات، وإعادة النظر في محتوى مادة التربية الوطنية ودراسة تاريخ مصر من منطلق الأحداث التي مرت به وسياسة الانفتاح و التسامح لدى القيادة في مواجهتها.
في ضوء ذلك يري الباحث إن مصر وهي تواجهه تحديات كثيرة على المستوى الخارجي والداخلي متعلقة بظهور التطرف والتعصب والارهاب بأشكاله المتعددة لجدير أن تتخطى هذه التحديات بقدرات أبنائه وسواعد شبابه
وأن تطور مناهجها وان يشيع فيها قواعد الحوار وتقبل الآخر وتكرس قواعد الحرية والديمقراطية في عالم متعدد الثقافات والقيم , وأن ترفد مجتمعه بطاقات شابة مبدعة تعمل على التغيير والتطوير والإبداع القائم على التخطيط والتنفيذ بكل إخلاص وتغليب مصلحة الأردن الذي يستحق أن يضحي في سبيله وأن ينهض به.
لهذا كان الهدف من الدراسة أن هناك دور مهم ومأمول من مؤسسات التعليم العالي في مواجهة الفكر المتطرف بعملية التعليم لكونها عملية متكاملة تعتمد على أربعة مقومات أساسية هي: الطالب والمنهج وعضو هيئة التدريس وبيئة التعليم.
وهذا التعليم قائم على التفكير والإبداع وبناء الحوار المفتوح وإشباع حاجات الطلبة، وضرورة وضع خطة استراتيجية بالتنسيق مع استراتيجية التنمية الشاملة للدولة بحيث تكون الأهداف منبثقة من أهداف وحاجات المجتمع، وصياغة المناهج بعقلية منفتحة قابلة للتعديل حسب مقتضيات العصر وتقدم حلول عملية لمشكلات المجتمع.
كما لا بد من بناء برامج إعلامية مخصصة لتوعية الشباب بأمور الدين الصحيحة وتدريبهم على مواجهة الأفكار الضالة، وعقد الندوات والمحاضرات للشباب التي تضم المتخصصين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدوافع وراء العمليات الإرهابية.